تكنولوجيا ومعلومات

اختراع الصفر

اختراع الصفر

بقلم مرفت عبدالقادر

ماذا تعلم عن اختراع العدد صفر -(Zero)؟
يأتي الصفر في مقدمة قائمة الأعداد ، ويعد أهم الأعداد؛ فبالرغم من أنّ الصفر لا يُشكل أي قيمة عددية إلا أنه لا يمكن للنظام الحسابي التخلي عنه،

فالصفر برغم عدم امتلاكه لقيمة إذا كان بمفرده فإنه يضيف قيمة كبيرة للرقم الذي يوضع أمامه الصفر.

الحياة قبل اختراع الصفر
على الرغم من قدم اكتشاف واستخدام الأرقام في الحضارات الإنسانية إلا أنّ استخدام الرقم صفر جاء بعد ذلك بكثير، في الماضي لم يكن الصفر يُستخدم لملء الفراغات بين الأرقام، فمثلا عند كتابة العدد سبعمائة وثلاثة كان يترك فراغ بين الرقم سبعة في المئات والرقم ثلاثة في الآحاد، هكذا (3 7) إلا أن الناس كانوا ينسون قيمة هذا الفراغ، وقد أدى ذلك إلى استخدام بعض الفواصل أو الرموز كالصفر لملء هذا الفراغ.

وحلًا لهذه المشكلة توصل البابليون إلى استخدام رمز الصفر في عام 1000 قبل الميلاد كرمز لسد هذا الفراغ، وكان ذلك في الفترة المتوسطة بين ظهور وانتشار العد الموضعي البابلي، وقد ذهب البعض إلى أن البابليين قد استخدموا الصفر وأعطوه رمزًا في الكتابة في عام 3000 قبل الميلاد، ولكنه لم يكن يمثل قيمة عددية بل يمثل فاصلة أو لاشيء في المضمون.

ظهور الصفر لأول مرة
والمعلومة السائدة بشأن ذلك هي أنّ الهنود هم أول من استخدم الصفر في النظام الحسابي بالشكل الذي يُستخدم به الصفر في النظام الحسابي الحالي وكان يأخذ شكل نقطة أو دائرة، وأنّ ذلك كان في القرن الخامس قبل الميلاد أي قبل البابليين.
وقد ساند هذا الاعتقاد الذي يذهب لبدء نشأة الصفر في الهند أنهم استخدموه تحت اسم “شونيا” التي تعني “خلاء” أو “فارغ” في اللغة السنسكريتية والذي من المتوقع أن يكون قد نشأ عن فلسفة الفراغ المعاصرة أو (شونياتا)، وهذا الرأي قد جعل احتمالية أن أول ظهور الصفر يرجع إلى الهند شيء منطقي، خصوصًا وأن الأعداد قد تطورت استنادًا إلى النظريات الفلسفية.

كيف وصل الصفر إلى العرب؟
تحدثنا من قبل عن كتاب الرياضي الهندي “براهما غوبتا” وكتابه (سندهانتا) الذي شرح فيه عن الأرقام لأول مرة، فقد انتقل هذا الكتاب إلى العرب بالتحديد إلي بغداد عاصمة الخلافة العباسية آنذاك، وأمر الخليفة المأمون بترجمته إلى اللغة العربية.

الخوارزمي والصفر
وقد نشر عالم الرياضيات العربي الشهير في عام 825 م رسالة تحمل اسم “الخوارزمي عن الأرقام الهندية” وقد عرّف فيها استخدامات الصفر.
وقد عرف الغرب من مؤلفات الخوارزمي النظام الحسابي العربي (النظام العشري) المعروفة بالخوارزميات أو بالإنجليزية: Algorithm.
ذكر الخوارزمي في رسالته: “في عمليات الطرح، إذا لم يكن هناك باقٍ نضع صفرًا ولا نترك المكان خاليًا، لكي لا يحدث لبس بين خانة الآحاد وخانة العشرات، ثم إنّ الصفر يجب أن يكون من يمين العدد؛ لأن الصفر من يسار الاثنين ـ مثلًا – لا يغير من قيمتها ولا يجعلها عشرين”
وقد رسم الخوارزمي الصفر في شكله المعروف به حاليًا وأطلق عليه اسم “سيفر” وهي الكلمة التي تعني “فراغ”
وقام الخوارزمي أيضًا باختراع مجموعة من الأرقام عُرفت باسم “الأرقام العربية”، لكنها لم تحظ بانتشار واستخدام واسع في دول المشرق العربي، ولكن العرب في المغرب العربي والأندلس استخدموها ومن هنا انتقلت إلى أوروبا، ومنها إلى العالم كله وهي الأرقام بشكلها المستعمل حاليًا.

جهود الخوارزمي في علم الرياضيات
برع علماء العرب في العلوم الرياضية وأجادوا فيها، وأضافوا عليها الكثير، وقد اعترف الغرب بفضلهم في تطوير العلوم الرياضية واعتمدوا عليها كذلك، وكان من أعظم هؤلاء العلماء هو الخوارزمي.
لم يكن الخوارزمي هو من يرجع إليه الفضل في اختراع الصفر فحسب، بل هو من أسس علم الجبر ليصبح من أهم العلوم العربية حتى الآن، وأن ما توصل إليه الخوارزمي في علم الجبر هو أهم ما تم التوصل إليه حتى يومنا هذا.
من مؤلفاته الهامة كتاب “المختصر لحساب الجبر والمقابلة” .

طوّر الخوارزمي طريقة الضرب القديمة، فقد كان عالمًا عبقريًا في مجاله.
كما أسهم الخوارزمي بصورة كبيرة في علم الفلك، حيث أسس مجموعة من الجداول الفلكية التي اعتمد عليها الغرب في دراستهم للفلك.
كان له دورًا عظيمًا في علم الجغرافيا وقدم تعديلات على ما توصل إليه بطليموس، وأشرف على رسم أول خريطة للعالم.
ترجم الخوارزمي الكثير من المؤلفات الهندية واليونانية إلى العربية.

مؤلفاته
من مؤلفات الخوارزمي الشهيرة التي اعتمدت عليها العلماء في عصرنا الحديث بالإضافة إلى كتاب المختصر لحساب الجبر المقابلة الذي وضع به أهم أسس الجبر فله أيضًا:
كتاب الزيج في علم المثلثات.
كتاب استخراج العصر اليهودي.
كتاب السند هند في علم الفلك.
كتاب صورة الأرض في الجغرافيا.
توفي الخوارزمي أو “مخترع الصفر” كما يطلق عليه في عام 847 م عن عمر يناهز 66 عامًا بعدما قدم جهودًا سار عليها العلماء إلى يومنا هذا في علوم الرياضيات والفلك والجغرافيا.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار