آمال حذرة في الضفة الغربية مع أنباء عن استئناف محدود لتصاريح العمل
عبده الشربيني حمام
رغم انتهاء الحرب في غزة، لا يزال الفلسطينيون في الضفة الغربية يعانون من انعكاسات التصعيد الذي شهدته المنطقة خلال العامين الماضيين، والذي أثّر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية في مختلف محافظات الضفة.
وخلال الأيام الماضية، تداولت تقارير إعلامية ومصادر محلية أنباءً عن تراجع الحكومة الإسرائيلية عن قرار منع دخول العمال الفلسطينيين إلى الداخل، مشيرة إلى المصادقة على إدخال نحو عشرة آلاف عامل فلسطيني من محافظتي بيت لحم والخليل للعمل داخل إسرائيل، في خطوة محتملة قد تمثل انفراجة محدودة بعد توقف شبه كامل لتصاريح العمل منذ اندلاع الحرب.
ورغم غياب إعلان رسمي يحدد العدد النهائي أو آلية التنفيذ، لاقت هذه الأنباء صدى واسعًا في الشارع الفلسطيني، لا سيما في المناطق التي تعتمد بدرجة كبيرة على العمل داخل الخط الأخضر، والتي عانت خلال العامين الماضيين من تداعيات اقتصادية واجتماعية قاسية.
أزمة ممتدة من غزة إلى الضفة
ولم تقتصر آثار الحرب على قطاع غزة، بل امتدت بوضوح إلى الضفة الغربية، حيث واجه الفلسطينيون أزمة اقتصادية حادة تمثلت في فقدان مئات آلاف فرص العمل، وتراجع النشاط التجاري، وتشديد القيود على الحركة بفعل الحواجز والإغلاقات، ما أدى إلى ارتفاع غير مسبوق في معدلات البطالة وتآكل القدرة الشرائية للأسر.
وخلال الأشهر الماضية، ترافق هذا التدهور الاقتصادي مع تصعيد أمني واسع شمل حملات اعتقال، وإغلاقات للطرق، وعمليات هدم وإخلاء، أدت إلى نزوح أعداد متزايدة من السكان، في مشهد أعاد إلى الواجهة وقائع لم تعرفها الضفة الغربية بهذا الاتساع منذ عقود.
في هذا السياق، يعبّر عدد متزايد من سكان الضفة الغربية عن حالة من الإحباط المتراكم، مؤكدين أن أولوياتهم باتت تتركز على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، وإعادة تأهيل ما تضرر من الاقتصاد المحلي، واستعادة الحد الأدنى من مظاهر الحياة الطبيعية بعد فترة طويلة من الاضطراب وعدم اليقين.
ويرى المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة أن هذه المؤشرات تعكس تحولًا ملموسًا في أولويات الرأي العام في الضفة الغربية، حيث باتت القضايا المعيشية والاقتصادية عاملًا حاسمًا في تشكيل المواقف، بعد سنوات طغت فيها الاعتبارات الأيديولوجية والأمنية على تفاصيل الحياة اليومية.
انفراجة مشروطة وأسئلة مفتوحة
وبينما يُنظر إلى الحديث عن تصاريح جديدة كخطوة قد تخفف جزئيًا من حدة الأزمة، تثار تساؤلات حول طبيعة هذه التصاريح، ومعايير منحها، ومدى استدامتها، في ظل تجربة سابقة اتسمت بعدم الاستقرار وسهولة الإلغاء، ما جعلها أقرب إلى إجراء مؤقت منها إلى حل بنيوي للأزمة.
كما يخشى مراقبون أن تبقى هذه الخطوة محصورة جغرافيًا وزمنيًا، دون أن تُترجم إلى سياسة أوسع تعالج جذور الأزمة الاقتصادية، في ظل غياب مسار سياسي واقتصادي واضح لمعالجة تداعيات الحرب.
وفي ظل استمرار هذا الواقع، تشير مؤشرات الرأي العام إلى أن حالة الإحباط وتراجع الثقة مرشحة للاستمرار، ما لم تُطرح مقاربات جديدة تضع الاستقرار المعيشي وإعادة البناء في صلب المرحلة المقبلة، بعيدًا عن الحلول المؤقتة التي لا تصمد أمام أول اختبار ميداني.

