اصنع خيرا..
فاطمة عبد العزيز محمد
اصنع خيرا..
إن عمل الخير ثقيل على بعض النفوس، وجزء منه انتقاص من المال وبذل للجهود وقت أن يتكاسل الناس، أو يبذلون جهودهم لمنفعتهم الشخصية، والنفوس شحيحة، وإذا أعطت عشرة تنتظر أن تعود لها عشرات أو مئات، لكن إن الإحسان إلى الناس هو في الواقع إحسان للنفس وما نقدمه للناس في الظاهر إنما نقدمه لأنفسنا في الحقيقة، ويقول تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ } [الإسراء: 7].
فنحن عندما نقدم المساعدة المالية للآخرين إنما نستثمر في هذا الجزء من الأموال ليعود إلينا أضعافا بعد أن يصل ليد من نساعده {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} [البقرة: 261]، فالذي وضعته في الأرض حبة، والذي وضعته في يد الفقير ليكن على سبيل المثال وحدة واحدة من عملة ما، الحبة تنمو لتكون سبع سنابل في كل سنبلة مئة حبة والله يضاعف لمن يشاء، والوحدة الواحدة من هذه العملة أو تلك التي وضعتها في يد المحتاج تعود إليك أضعافا مضاعفة، إما زيادة في المال، أو بركة في الموجود، أو رحمة من الله تجنبك نفقات كثيرة فتجد مشكلة ضخمة يمكنك علاجها بمبلغ يسير، أو يمنعها الله تعالى قبل وقوعها، فلا تتكلف شيئا أصلا، وساعتها يفهم المؤمن إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم.
ويحث الإسلام على عمل الخير، حيث يوجه الخطاب الإلهي في القرآن الكريم النفس الإنسانية إلى فعل الخير لافتا بصرها وبصيرتها إلى حقيقة تغيب حين تحضر الدنيا والرغبة في الحصول على اقصى متعة منها يقول الله تعالى: {إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا } [الإسراء: 7] {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ } [البقرة: 110] {وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20]، ومن الآيات التي تثني على فعل الخيرات هي وصف الله تعالى بالاشخاص الاتقياء بأنهم يسارعون في فعل الخير وينتهزون الفرصة للقيام بأعمال الخير، وذلك من محبتهم للخير ومعرفته لعظيم ثوابه، وتجنب المعاصي، والأمر بالمعروف، قال تعالى في وصف المؤمنين {يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَأُولَٰئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ} [آل عمران: 114].