الإصلاح الانتخابي… ضرورة وطنية
بقلم : عماد نويجي
لا تزال العملية الانتخابية في مصر قادرة على أن تكون أحد أهم أعمدة الاستقرار السياسي إذا ما أُعيد إليها ما افتقدته من زخم وثقة وتنافسية حقيقية فالمجتمع المصري بتاريخ وعيه ونبضه الحي يبحث عن ممثلين يمتلكون الفكر والثقافة والقدرة على التعبير عن آماله لا عن أسماء تُفرض عليه بطرق ملتوية أو آليات غير فعّالة
ولأن بناء الثقة يبدأ من سلامة القواعد المنظمة للانتخاب فإن استعادة الروح الوطنية للعملية السياسية تستدعي جملة من الإجراءات الضرورية التي تعيد للمواطن إحساسه بأنّ صوته مؤثر وأن اختياره محترم
أولًا: العودة إلى الدوائر الانتخابية الطبيعية
إعادة هيكلة الدوائر الانتخابية إلى ما كانت عليه سابقًا ليست مطلبًا حزبيًا ولا فئويًا بل ضرورة لضمان العدالة التمثيلية فكلما اتسعت الدائرة بلا مبرر منطقي تضاءلت فرص التواصل الحقيقي بين المرشح والناخب وتحوّلت العملية إلى سباق موارد بدلًا من أن تكون منافسة برامج وأفكار
إعادة الدوائر إلى حجمها الطبيعي يعيد للمواطن قدرته على تقييم المرشحين ويمنع أيّ لبس أو شعور بأن التغيير تمّ لأغراض غير واضحة.
ثانيًا: إلغاء نظام القوائم االنسبية والمطلقة
لا تُنتج القائمة المطلقة سوى مجالس مشبعة بأسماء تُختار سلفًا، فتذوب التنافسية ويتحول الناخب إلى مُوقّع لا إلى صاحب قرار
أما القائمة النسبية، رغم كونها أفضل نظريًا فإن تطبيقها في السياق المصري غالبًا ما انتهى إلى حشو سياسي وتوازنات لا علاقة لها بالإرادة الشعبية
إن النظام الفردي الواضح الشفاف أو نظام مختلط بضوابط عادلة يظلّ أكثر قدرة على إنتاج برلمان يعكس طبيعة المجتمع المصري وتنوعه
التجربة التاريخية تؤكد أن السياسة الحقيقية يصنعها فاعلون لديهم مشروع، لا لافتات بلا مضمون
استعادة الزخم الانتخابي ليست رفاهية سياسية بل هي شرط لبناء دولة حديثة يشعر فيها المواطن بأنه شريكٌ في القرار لا مجرد متفرج على مشهد معاد ترتيبه
إنّ تمكين الكفاءات وتقديم شخصيات تحمل فكرًا وثقافة وخبرة سيحوّل البرلمان من مقاعد صامتة إلى منبرٍ وطنيّ يعكس نبض الشارع ويصون مصالح الدولة الديمقراطية ليست شعارات…والتمثيل الحقيقي لا يُصنع بالترتيبات بل بإرادة شعبٍ يريد أن يسمع صوته من جديد.
الإصلاح الانتخابي… ضرورة وطنية
