الانتحار
محمود سعيد برغش
عباد الله! ولقد انتشر في الآونة الأخيرة ما يُسمَّى بالانتحار؛ وذلك لأتفه الأمور وأحقرها، والله عز وجل حرم ذلك فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَأْكُلُواْ أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا . وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللّهِ يَسِيرًا} [النساء:29-30]. وقال صلى الله عليه وسلم: «من قتل نفسه بشيء في الدنيا عُذِّب يوم القيامة» (رواه البخاري ومسلم). وعن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من تردَّى من جبل فقتل نفسه فهو في نار جهنم يتردى فيه خالداً مخلداً فيها أبداً، ومن تحسَّى سماً فقتل نفسه فسمه يتحسَّاه في نار جهنم خالداً فيها أبداً، ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده يجأ بها في بطنه في نار جنهم خالداً مخلداً فيها أبداً» (رواه البخاري ومسلم). أمة القرآن! وبعد هذا السرد الطويل لآيات القرآن الكريم، وأحاديث سيد المرسلين، وأقوال الأئمة المهديين، فإن دم المسلم وانتهاك حرمته، وارتكاب جريمة القتل لها مضار كثيرة جداً، نلخصها من كتاب ربنا وسنة نبيناً: وأولها: أن في قتل المسلم بغير حق اعتداء على المجتمع كله. ثانياً: أن القتل وسفك دم الأبرياء مجلبة لسخط الرب تعالى. ثالثاً: أن من سفك دم بريء متعمداً، فقد أوجب الله له النار، خالداً فيها والعياذ بالله. رابعاً: أن القتل كبيرة من كبائر الذنوب. خامساً: أن المنتحر قاتل نفسه من أهل النار. سادساً: أن من حمل السلاح على المسلمين عَدَّه النبي صلى الله عليه وسلم ليس من المسلمين. سابعاً: أن المسلم في سعة، فإذا ما أصاب دماً حراماً فقد ضيَّق على نفسه في الدنيا والآخرة. ثامناً: أن حرص المسلم على قتل أخيه يجعله في النار؛ حتى وإن لم يقتله فعلاً. تاسعاً: أن سفك دم المسلمين، والاقتتال بينهم عادة من عادات الجاهلية التي نهانا الإسلام عنها. فالحذر الحذر عباد الله! من التساهل في حرمات الله وحرمات خلقه، والبعد كل البعد عن الأقوال والأفعال والنيات التي تغضب الله عز وجل. أمة الإسلام! ألا هل من معتبر ومتعظ بما حصل في دول حيث فُقد الأمان وحملت البندقية على الإخوان، فسُفكت الدماء البريئة، وهُتكت الأعراض المصونة، واقتُحمت المنازل، وبُقرت بطون الحوامل، وقُتلت الأطفال، وحصل السلب والنهب، والفرقة والاختلاف، والخوف والاضطراب، بعد أن كانوا إخوة آمنين، مقبلين على ربهم، معافين في أهليهم وأبدانهم، فحلَّ بهم ما حلَّ بسبب سفك الدماء، واستطالة المسلم على عرض أخيه المسلم والعياذ بالله. اللهم ألهمنا رشدنا، وقنا شر أنفسنا، ووفقنا لامتثال أمرك، واجتناب نهيك. اللهم يا من لا تضره المعصية، ولا تنفعه الطاعة أيقظنا من غفلتنا، ووفقنا لمصالحنا، واعصمنا من قبائحنا، ولا تؤاخذنا بما انطوت عليه ضمائرنا من أنواع القبائح والمصائب التي تعلمها منّا. اللهم وفقنا لتعظيم حرماتك، وارزقنا برك وإحسانك، وعمنا جميعاً بفضلك ورحمتك. اللهم وفقنا لقول الحق واتباعه، وخلصنا من وساوس قلوبنا الحاملة على التورط في هوة الباطل وابتداعه، واجعل إيماننا إيماناً خالصاً صادقاً، وكن لنا مؤيداً وناصراً، ولا تجعل لفاجر علينا يداً، واجعل عيشنا عيشاً رغداً، ولا تشمت بنا عدواً ولا حاسداً، وارزقنا في محبتك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وعملاً متقبلاً. اللهم عليك باليهود ومن هاودهم والنصارى ومن ناصرهم، والعلمانيين ومن وقف معهم. اللهم اغفر لمن حضر هذه الجمعة ولوالديه، وافتح للموعظة قلبه وأذنيه.