المقالات

الحصاد المُرّ للفوضى

جريدة موطنى

الحصاد المُرّ للفوضى

بقلم / محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين ونصلي ونسلم ونبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، الذي حث صلى الله عليه وسلم المسلمين على التعاون لكونه أحد الأخلاق الإسلامية التي تساهم في بناء مجتمعات متماسكة يسودها الحب والعطاء فضلا عن سيرته صلى الله عليه وسلم العطرة المليئة بالمواقف التي تثبت ذلك، ويمكن التعرف على بعض مواقف النبي صلى الله عليه وسلم وتعاونه مع أصحابه من خلال متابعة سيرته الشريفه صلى الله عليه وسلم، فقد تعاون النبي صلى الله عليه وسلم مع الصحابة رضوان الله عليهم من المهاجرين والأنصار في حفر الخندق حول المدينة المنورة، فروى أنس بن مالك رضي الله عنه أنهم كانوا يحفرون الخندق وينقلون التراب بأنفسهم. 

ويرددون نحن الذين بايعوا محمدا على الإسلام ما بقينا أبدا، فيجيبهم النبي صلى الله عليه وسلم قائلا ” اللهم إنه لا خير إلا خير الآخرة فبارك في الأنصار والمهاجرة” وكما ثبت في الصحيحين أن غلاما من اليهود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وذات يوم مرض هذا الغلام فعاده النبي صلى الله عليه وسلم في بيته كما روى أنس بن مالك رضي الله عنه، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم عند رأسه وطلب منه أن يسلم، فنظر الغلام اليهودي إلى وجه أبيه الذي يجلس عند رأسه فقال أبوه أطع أبا القاسم صلى الله عليه وسلم، فأسلم الغلام وخرج النبي صلى الله عليه وسلم قائل ” الحمد لله الذي أنقذه من النار” فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد إن الأمن نعمة عظيمة من الله تعالي علي الإنسان. 

ولا تساويها نعمه فمن منا لم يعد يتمنى أن يدفع بكل ما يملك نظير تحصيل الأمن المفتقد؟ ومن منا لم يحصد الحصاد المُرّ للفوضى التى كادت أن تعصف ببلادنا لولا أن منّ الله علينا بنعمته التى فرّطنا فيها من قبل برغبتنا وأضعناها بأيدينا؟ فإن الأمن نعمة عظمى، ومِنة كبرى، لا يُدرك قيمته ولا يستشعر أهميته، إلا من تجرّع غصة الحرمان منه، واصطلى بنار فقده، فوقع في الخوف والقلق، والذعر والاضطراب والفوضى والتشريد والضياع، فكم من غريب فقد موطنه، وكم من شريد غاب عن أهله وعشيرته، وكم من منكوب تائه لا يعرف له مأوى، ولا يشعر بطمأنينة ولا استقرار، وانظروا إلى صور فقد الأمن في العالم اليوم، وما مُنى به كثير من الناس من اجتياح الفتن المدلهمة، والحروب الطاحنة.

وإحاطة الخوف والرعب والجوع والسلب والنهب في فوضى عارمة، وجنايات ظالمة، فإن الأمن مطلب في حياة الإنسان إذ هو بطبعه ينشد الأمن وما يبعده عن المخاطر والمخاوف، ولأهميته وعظيم مكانته دعا الخليل إبراهيم عليه السلام لأهل مكة، فقدم طلب الأمن على طلب الرزق لأن الأمن ضرورة، ولا يتلذذ الناس بالرزق مع وجود الخوف، بل نجد في القرآن تلازما وثيقا بين الأمن ورغد العيش من جهة، وبين الخوف والجوع من جهة أخرى، ولأهمية الأمن كذلك فإن الله تعالى وعد المؤمنين بأن يجعل لهم بدلا من الخوف الذي يعيشون فيه أمنا واطمئنانا، وراحة في البال، وهدوءا في الحال، إذا عبدوه وحده واستقاموا على طاعته، ولم يشركوا معه شيئا، ومما يدل على حاجة المرء للأمن. 

أنه كان أحد المسائل التي سألها النبي صلى الله عليه وسلم ربه، فعن ابن عمر رضي الله عنه قال “كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال اللهم أهِله علينا بالأمن والإيمان، والسلامة والإسلام والتوفيق لِما تحب وترضى، ربنا وربك الله” رواه ابن حبان.

الحصاد المُرّ للفوضى

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار