شريط الاخبار
الدكروري يكتب عن أصل ثمود وزمن وجودهم
الدكروري يكتب عن أصل ثمود وزمن وجودهم
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد اختلف المؤرخون في أصل ثمود وزمن وجودهم، فقال بعضهم إنهم بقية من قوم عاد، وقال آخرون إنهم بقية من العماليق، وقد انتقلوا من غرب الفرات إلى الحِجر، ويرى بعض المؤرخين من المستشرقين أنهم قوم من اليهود، وقد سكنوا تلك الناحية ولم يدخلوا فلسطين، وهذا الرأي لا شك أنه باطل، لأن اليهود لم يعرفوا إلا بعد خروج نبي الله موسى عليه السلام ببني إسرائيل من أرض مصر فكيف يكونون يهودا ؟ وأصح الأقوال هو أن قوم ثمود كانوا عربا من بقايا عاد، ويؤيد هذا الرأي قول الله تعالى “واذكروا إذ جعلكم خلفاء من بعد عاد وبوأكم في الأرض تتخذون من سهولها قصورا وتنحتون الجبال بيوتا فاذكروا آلاء الله ولا تعثوا في الأرض مفسدين” فكان بعض قوم ثمود يسكن الأحقاف.
وبعضهم يسكن الحجر، وأما عن زمن وجودهم فقد قال ابن كثير رحمه الله وأما زمن وجودهم فلم يعلم بالضبط، إلا إنهم كانوا بعد عاد وقبل ميلاد زمن موسى عليه السلام، بدليل قول مؤمن آل فرعون “وقال الذي آمن يا قوم إني أخاف عليكم مثل يوم الأحزاب، مثل دأب قوم نوح وعاد وثمود والذين من بعدهم وما الله يريد ظلما للعباد” وكان قوم ثمود يتمتعون بقوة هائلة في الأجسام، فنحتوا الجبال وجعلوها بيوتا، ومن رأى مدائن ثمود التي مر عليها الآلاف من السنين وكيف تفننوا في نحت الجبال وتزيينها، ويدرك صدق القرآن حينما قال “وتنحتون من الجبال بيوتا فارهين” ومع قوة أجسامهم فهم لم يكن معهم قوة في العقول، فآثروا الكفر على الإيمان والباطل على الحق.
فعبدوا الأوثان من دون الله عز وجل لأنها عبادة من سلف من آبائهم وأجدادهم، وما أصعب خُلق الإنسان وصلابته حين ينشأ في بيئة عاشت على الضلال وعلى الغواية حتى اعتقد أنها على الحق وغيرها على الباطل، وإن هذا الإنسان الذي عمي قلبه عن الحق في حاجة إلى منفذ ينتشله من هذا الجو الموبوء، ولهذا تجلت رحمة الله تعالي في هؤلاء القوم، حين بعث لهم رسولا كريما منهم يعرفون حسبه ونسبه وخلقه يدعى صالح عليه السلام، فبعث الله عز وجل نبيه صالح عليه السلام إليهم يدعوهم إلى الله تعالى ويذكرهم بنعم الله عليهم، لأن الإنسان قد يتقلب في نعم الله في صباحه ومسائه، ثم مع إلفه للنعم يجحد النعمة وينسى شكر المنعم جل جلاله.
فذكرهم نبي الله صالح عليه السلام بنعم الله عليهم لعلهم يتذكرون، ولعلهم تلين قلوبهم، وأيد الله سبحانه وتعالى نبيه صالح عليه السلام بمعجزة باهرة، وهي معجزة الناقة، حيث انشقت حجارة الجبال عن ناقة عظيمة كانت معجزة في خلقها وشربها، فكانت تشرب مياه البئر في يوم دون أن يشرب منه أحد فتنتج ألبانا يشرب منها جميع الناس صغارا وكبارا، رجالا ونساء، حتى يرتوون ويشبعون، وعلى الرغم من تلك الآية الباهرة إلا أن قوم صالح عليه السلام، أصروا على استكبارهم وجحودهم فرفضوا دعوة نبيهم، ولم يكتفوا بذلك، بل بيتوا في أنفسهم نية ذبح الناقة، فانتدبوا أحد أشقيائهم وهو أحيمر ثمود فتوجه إلى الناقة وعقرها.
الدكروري يكتب عن أصل ثمود وزمن وجودهم