المقالات
الدكروري يكتب عن إنى جاعلك للناس إماما
الدكروري يكتب عن إنى جاعلك للناس إماما
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام حينما وصل إلى تلك الدرجة السامية من التوحيد وكمال الطاعة، جعله الله تعالى إماما للناس في الخير يقتدون به، وجعل ما عليه من الدين هو الملة التي أمر باتباعها، فإنه عليه الصلاة والسلام قد جرد توحيد ربه تبارك وتعالى، فلم يدع معه غيره، ولا أشرك به طرفة عين، وتبرأ من كل معبود سواه، وخالف في ذلك سائر قومه حتى تبرأ من أبيه، فقال الله تعالى في إعطائه الإمامة فى سوررة البقرة ” إنى جاعلك للناس إماما ” وقد ذكر الله تعالى أن من عدل عن هذه الملة الإبراهيمية بعد أن بين الله صلاحها وأثنى على إمامها فإن ذلك المائل عنها جاهل أهان نفسه، فقال تعالى فى كتابه الكريم فى سورة البقرة ” ومن يرغب عن ملة إبراهيم إلا من سفه نفسه “
وقال الله تعالى آمرا باتباعه، ومبينا سلامة معتقده وطريقه فى سورة النحل ” ثم أوحينا إليك أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ” وذكر الله تعالى أن أحسن الدين هو الانقياد التام لله تعالى، مع الإحسان في ذلك واتباع ملة نبى الله إبراهيم، فقال تعالى فى سورة النساء ” ومن أحسن دينا ممن أسلم وجهه لله وهو محسن واتبع ملة إبراهيم حنيفا ” ولقد كان المشركون وأهل الكتاب يدعون أنهم على ملة إبراهيم، فكذبهم الله جميعا بسبب شركهم وكفرهم، وبيّن أن أتباعه على الحقيقة، هم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم والذين آمنواوهذا نبينا ورسولنه الكريم محمد صلى الله عليه وسلم، يعلمه الله أن يقول كما فى كتابه الكريم فى سورة الأنعام ” قل إننى هدانى ربى إلى صراط مستقيم دينا قيما ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين “
وكان هذا ردا على المشركين، وكان النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم يقول إذا أصبح ” أصبحنا على فطرة الإسلام، وكلمة الإخلاص، ودين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وملة أبينا إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين ” فإن خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام قد نال نصيبا وافرا من ثناء الله تعالى عليه جزاء لتمام انقياده وتسليمه، وكمال توحيده وإيمانه، وحُسن قيامه بأوامر ربه، فأثنى عليه بإتمام طاعته، ووفائه بحق عبادته، فقال تعالى فى سورة البقره ” وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن ” وقال عنه سبحانه وتعالى فى سورة النجم ” وإبراهيم الذى وفى ” وهكذا فإن الله تعالى شكور كريم، يكافئ عبده الصالح على صلاحه في دنياه وآخرته، مكافأة حسية، ومكافأة معنوية.
فإبراهيم عليه السلام لما صار إلى المنزلة العالية من تمام الانقياد والقيام بكل ما أمر ربه به، أوصله الله إلى درجة الخلة، وهي أعلى درجات المحبة فأحبه الله حبا عظيما فقال الله تعالى فى سورة النساء ” واتخذ الله إبراهيم خليلا ” وعن عمرو بن ميمون أن معاذا رضي الله عنه لما قدم اليمن صلى بهم الصبح، فقرأ قول الحق من سورة النساء ” واتخذ الله إبراهيم خليلا ” فقال رجل من القوم لقد قرّت عين أم إبراهيم، فمن أراد لنفسه صلاح الدنيا والآخرة، فليقم بطاعة الله كما أحب الله منه، ومن زرع خيرا في هذه الحياة ابتغاء وجه الله، نال جناه في حياته وبعد مماته، وفي هذه السيرة العطرة النضرة الطيبة قد تبيّن لنا جليّا أن من ترك شيئا لله عوّضه الله خيرا منه، فمن قدم مرضاة الله على شهوات نفسه، أعطاه الله كفاء ذلك ثوابا عاجلا وثوابا آجلا.
الدكروري يكتب عن إنى جاعلك للناس إماما