المقالات
الدكروري يكتب عن التصرفات المشبوهه من الإنسان
الدكروري يكتب عن التصرفات المشبوهه من الإنسان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن المؤمن لا يجوز له أن يعرض عرضه وشرفه لحديث الناس بما يثيره من الشكوك حوله، فقد يستبرئ الإنسان للدين، ولكنه لا يهتم للعرض، وهذا خطأ فقد يقول في نفسه طالما أنني أعرف نفسي، وأنني لم أرتكب المحرم، فلا عليّ من كلام الناس، فيجلس في أماكن مشبوهة، أو يخالط أناسا مشبوهين، أو يأتى بتصرفات مشبوهة دون اهتمام لكلام الناس، وهذا منهج خاطئ، فإن المسلم إذا ظل طيب السيرة، حسن السمعة، جميل الذكر، فذلك أقوى لوجوده، وأجمل لمنهاجه، وأسرع لقبول دعوته في الناس، فمن ارتكب الشبهات فقد عرض نفسه للتهم والقدح والطعن، ويقول بعض السلف “من عرض نفسه للتهم فلا يلومن من أساء به الظن، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، فالوقوع في الشبهات تيسير وتسهيل للوقوع في الحرام.
فكل من وقع في الشبهات سيقع في الحرام لا محالة، ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام على غاية الحذر والمراقبة والورع، فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم” إني لأنقلب إلى أهلي فأجد التمرة ساقطة على فراشي فأرفعها لآكلها، ثم أخشى أن تكون صدقة فألقيها” رواه البخارى ومسلم، وقال أبو بكر الصديق رضى الله عنه “كنا ندع سبعين بابا من الحلال، مخافة أن نقع في باب الحرام” وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه ” كنا ندع تسعة أعشار الحلال مخافة الوقوع في الحرام” فانظر إلى هذه المراقبة الحقة، والورع الصادق، ثم انظر إلى حال كثير من الناس اليوم وانهماكهم في الشبهات دون تهيّب أو تخوّف، فهذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم يترك التمرة مع أنه قد يكون بأمس الحاجة إليها من شدة الجوع ولوعته.
فقد كان يمر الشهر والشهران ولا يوقد في بيته النار، وهنالك أناس أتخمت بطونهم، وتضخمت أرصدتهم، وهم مع ذلك لا يترددون في التهام ما يبدو أمامهم دون تبصّر لأمر حله وحرمته، وسئل الإمام أحمد عن الثمرة يلقيها الطير، فقال” لا يأكلها، ولا يأخذها ولا يتعرض لها” وإنه بعد بيان هذا المعنى العظيم، يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم ليعطي صورة جميلة، قبل نهاية الحديث “كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يقع فيه” فإن الإسلام دين العدل والرحمة والعمل لا يغفل حاجة من حاجات الفطرة البشرية، ولا يكبت كذلك طاقة بناءة من طاقات الإنسان تعمل عملا نافعا سويا، ومن ثم حارب الرهبانية، لأنها كبت للفطرة، وتعطيل للطاقة، وتعويق عن إنماء الحياة التي أراد الله تعالى لها النماء.
كما نهى سبحانة عن تحريم الطيبات كلها لأنها من عوامل بناء الحياة ونموها، وتحقيق مراد الله عز وجل في الحياة، وإن الحلال كله طيب، والحرام كله خبيث، فلا يستويان أبدا، فقال تعالى كما جاء فى سورة المائدة ” قل لا يستوى الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولى الألباب لعلكم تفلحون” وإذا كانت كثرة الخبيث تغر وتعجب، ففي الطيب متاع بلا معقبات من ندم أو تلف، وبلا عواقب من ألم أو مرض، وما في الخبيث من لذة إلا وفي الطيب مثلها، وأنتم ترون وتسمعون ما عم به البلاء من السرقة من أموال الناس ولذلك جاءت الشريعة بهذا الحد، وبهذه العقوبة، لقد عمت السرقات، صار بعض الناس يسرق من بيت جيرانه، وتزور المرأة بيت الجماعة الفلانيين فإذا غابت صاحبت البيت للإتيان بالضيافة سرقت وهكذا الكثير والكثير.
الدكروري يكتب عن التصرفات المشبوهه من الإنسان