الدكروري يكتب عن المسلم الصالح مع التربية الإسلامية
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله محمد بن عبد الله صلي الله عليه وسلم، لقد جاءت التربية الإسلامية لتهتم بتكوين الفرد المسلم الصالح، وتبين الأمانة التي يتحملها كل مسلم أمام الله تعالى، وأنه محاسب على جميع أعماله بعد أن وهبه الله عز وجل عقلا يفكر فيه، وأنزل إليه أسباب الهداية من رسل وكتب، وبين له سبيل الخير والشر، كما وتدعو إلى بناء مجتمع يكفل لجميع أفراده حق العدل، والمساواة، والتكافؤ، وتوضح أهمية التكافل، والوحدة بين الناس فالتربية الإسلامية تعتني بالفرد المسلم، وتعتني كذلك بالبيئة أو المجتمع الذي يعيش فيه، ويكون سببا في تحديد سلوكه وفكره، وتتنوع أساليب التربية الإسلامية وتتعدد سعيا في تحقيق أهدافها المرجوة، ومن هذه الأساليب هى القدوة.
حيث تسعى التربية الإسلامية إلى إيجاد القدوة الحسنة للفرد المسلم في جميع مراحله العمرية، فقد دعت الوالدين إلى أن يكونا قدوة حسنة لأبنائهم، كما حثت المعلمين والمربين على أن يكونوا مثالا حسنا يحتذى به، وإن مما يحرك القلوب إلى الرحمة والإحسان إلى الناس هو معاشرة الرحماء، فانظر في إخوانك وخلانك، فمن وجدت فيه الرحمة ورقة القلب، وسرعة الاستجابة لله، فاجعله أقرب الناس منك، فإن الأخلاق تعدي، فإذا عاشر العبد الصالحين، أحس أنه في شوق للرحمة، وأحس أنه في شوق للإحسان إلى الناس، ودعاه ذلك إلى التشبه بالأخيار، فكم من قرين اقترن بقرينه وكان من أقسى الناس قلبا فأصبح لينا لأن قلبه بصحبة الصالحين وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه.
أشد الناس قلبا وأعظمهم صلابة، فلما كسر الله قلبه بالإسلام، كان من أرحم الناس بالمسلمين رضي الله عنه وأرضاه لأنه عاشر رسول الأمة وإمام الرحماء، فتأثر به، حتى قال العلماء رحمهم الله كان أرحم الناس بالناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكما الاختلاط بالضعفاء والمساكين وذوي الحاجة، وهو مما يرقق القلب، ويدعو إلى الرحمة والشفقة بهؤلاء وغيرهم، ويرى إنسان معتكف في مسجد النبي صلي الله عليه وسلم رجلا كئيبا، قال له ما لي أراك كئيبا؟ قال ديون لزمتني ما أُطيق سدادها، قال لمن؟ قال لفلان، فهذا ابن عباس قال أتحب أن أُكلمه لك؟ قال إذا شئت، فخرج ابن عباس من معتكفه والاعتكاف في رمضان من أفضل العبادات قال له رجل يا ابن عباس، أنسيت أنك معتكف؟
قال لا والله ما نسيت أني معتكف، ولكن سمعت صاحب هذا القبر وهو رسول الله صلي الله عليه وسلم والعهد به قريب، وبكى يقول ” لأن أمشي مع أخ في حاجة، خير لي من صيام شهر، واعتكافه في مسجدي هذا ” وإن من أعظم الأسباب التي تعين على الرحمة هو قراءة سيرة السلف الصالح والأئمة المهديين من الصحابة والتابعين، وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، والوقوف على ما كانوا عليه من الأخلاق الجميلة والآداب الكريمة، كل ذلك يحرك القلوب إلى الرحمة، ويجعل فيها شوقا إلى الإحسان إلى الناس، وتفريج كرباتهم، وقلّ أن تجلس في مجلس، فيذكر فيه كريم بكرمه، أو يذكر المحسن فيه بإحسانه، إلا خشع قلبك.
فهذه أُم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها وأرضاها، يأتيها عطاؤها من أمير المؤمنين معاوية رضي الله عن الجميع وهي صائمة، ثلاثون ألف درهم وهي في أشد الحاجة، فتوزعها على الفقراء إلى فلان وآل فلان، ولم تبقي منها شيئا حتى غابت عليها الشمس، فالتمست طعاما تفطر عليه، فلم تجد، فالله تعالي يثبت قلوب الصالحين على الصلاح والبر، ما سمعوا بأمر صالح، وما سمعوا بسيرة عبد صالح، نسأل الله العظيم أن يجعل لنا ولكم في ذلك أوفر العظة والعبرة.