الدكروري يكتب عن تضامن إسلامي عظيم
الدكروري يكتب عن تضامن إسلامي عظيم
بقلم/ محمـــد الدكـــروري
إن الركن الثالث من أركان الإسلام وهو إيتاء الزكاة، ففيه من المنافع ما هو واضح للعيان فهو تطهير للنفس من الشح والبخل اللذين هما من أسوأ الأمراض النفسية، فقال تعالى فى سورة الحشر ” ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون” وفي إيتاء الزكاة أيضا تنمية للمال واستنزال للبركة فيه، فقال صلى الله عليه وسلم “ما نقص مال من صدقة بل تزيده” وهذا المعنى يؤخذ من لفظ الزكاة فإن معناه النماء والزيادة، وفي إيتاء الزكاة إحسان إلى الفقراء والمساكين وإنعاش للمرافق الخيرية من إعانة المجاهدين في سبيل الله وفك الرقاب وإعانة الغارمين وإسعاف ابن السبيل المنقطع، فقال تعالى فى سورة التوبة ” خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها”
وهذه إشارة إلى أن الزكاة يحصل بها استفادة للدافع والآخذ وبالتالي فيها بناء للمجتمع الإسلامى، وإن المتأمل لأركان هذا الدين وترتيبها ليجد في ذلك أسرارا عظيمة, وحكما قويمة، وإعجازا مبهرا، فأول ركن فيه هو شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فهذا هو الأساس المتين، والركن الركين، والحصن الحصين فهو الأصل الذي خلق الله الخلق لأجله، وبعث الرسل، وأنزل الكتب، فقال تعالى فى سورة الأنبياء”وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحى إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون” إنه توحيده عز جل، وإفراده سبحانه بالعبادة، وهذه الكلمة العظيمة تحمل في طياتها من الجمال والجلال ما لا حد له.
ولقد جاءت الآيات القرآنية مؤكدة هذا المعنى العظيم، ففي كتاب الله تعالى مئات الآيات التي تدعو إلى توحيد الله تعالى وإفراده بالعبادة، والبعد عن الشرك به سبحانه وتعالى، إضافة إلى الآيات الكونية، والبراهين العقلية التي كل شيء منها يشهد بأنه عز وجل، الواحد الأحد، وشهادة أن لا إله إلا الله هي أساس الدين، وعنوانه، وركن الأركان، وهي كلمة عظيمة القدر، جليلة الشأن، وهي مفتاح الجنة، وقد وردت أحاديث كثيرة في فضائلها، وعظيم شأنها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “قال موسى عليه السلام يا رب علمني شيئا أذكرك به، وأدعوك به، قال، قل يا موسى لا إله إلا الله، فقال يا رب كل عبادك يقول هذا، قال قل لا إله إلا الله.
فقال لا إله إلا أنت، قال إنما أريد شيئا تـخصني به، فقال يا موسى، لو أن السماوات السبع والأرضين السبع في كفة، ولا إله إلا الله في كفة، مالت بهن لا إله إلا الله” و”من قال لا إله إلا الله موقنا بها من قلبه دخل الجنة” وقد قرن الله الشهادة بتوحيده بشهادة أن محمدا رسول الله، لأنه صلى الله عليه وسلم هو الهادي إلى عبادته، والدال على رضوانه، والمبلغ لرسالته، ومن لم يتعرف على المرسل من خلال رسوله الذي أرسله وأيده بالحجج والبراهين، وجعل معه الحكم والكتاب والنبوة، فأنى له أن يهتدي إلى هذا الخالق العظيم؟ وإلى جنته ورضوانه؟ ومن أعظم دلائل الصدق وبراهين التوحيد والحب أن يتبع رسوله صلى الله عليه وسلم، وأن يحب حبيبه.
ومن أطاع الرسول صلى الله عليه وسلم فقد أطاع الله، ومن عصاه فقد عصا الله، ثم تأتي بقية أركان الإسلام في ترتيبها العميق، وتناسقها الوثيق، لتؤكد هذا التوحيد، والحب، والخضوع والاتباع، تأتي لتقرب هذا الإنسان الموحد المتبع من حبيبه، وتحببه إلى خالقه، وترفعه إلى آفاق الجمال والجلال، وتؤهله للفوز بجنته وحبه ورضوانه، وأول طريق للحب، وأعظم وسيلة للوصول، وأصدق برهان على الإجلال، أن يدلف إلى أبوابه، ويمرغ الجبين في محرابه، وينطرح على أعتابه، يملأ قلبه خشوعا، ويحني ظهره خضوعا، ويسجد بالوجه للذي شق سمعه وبصره،