المقالاتشريط الاخبار
الدكروري يكتب عن ثلاث منازل يخلو منها الأب
الدكروري يكتب عن ثلاث منازل يخلو منها الأب
بقلم / محمـــد الدكـــروري
عندما ذكر النبي صلي الله عليه وسلم في الحديث الشريف أن حق الأم ثلاث مرات وحق الأب مره واحده، ويرجع ذلك لأن صعوبة الحمل وصعوبة الوضع وصعوبة الرضاع والتربية تنفرد بها الأم، وتشقى بها دون الأب فهذه ثلاث منازل يخلو منها الأب، ولمكانة الأم وفضلها جعل الإسلام برها جهادا في سبيل الله وطريقا إلى الجنة، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت أن أغزو, وقد جئت أستشيرك, فقال هل لك من أم؟ قال نعم، قال فالزمها فإن الجنة عند رجليها” رواه أحمد والنسائي، وقد كانت بعض الشرائع تهمل قرابة الأم, ولا تجعل لها اعتبارا, فجاء الإسلام يوصى بالأخوال والخالات, تكريما للأم، حتى قيل الخال والد وجعل البر بقرابة الأم من الأخوال والخالات مغفرة للذنوب، فقد جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم.
فقال إني أذنبت, فهل لي من توبة؟ فقال هل لك من أم؟ قال لا، قال فهل لك من خالة؟ قال نعم، قال فبرها” رواه الترمذي، ولفضل الأم ومكانتها جعل الأم المرضعة بمنزلة الأم من النسب، ففي يوم من الأيام كان النبي عليه الصلاة السلام في الجعرانة يقسم الغنائم التي وضعت أمامه، وبينما هو منشغل بتقسيم الغنائم إذا به يلمح أمه من الرضاعة فيخلع رداءه ويضعه أرضا ويجلسها عليه، ويقول “إنها أمي التي أرضعتني” ومن عجيب ما جاء به الإسلام أنه أمر ببر الأم، حتى وإن كانت مشركة, فقد سألت أسماء بنت أبى بكر النبي صلى الله عليه وسلم عن صلة أمها المشركة، وكانت قدمت عليها, فقال لها “نعم, صلي أمك” متفق عليه، فإذا كان الإسلام أعلى من شأن الأم وأعطى لها هذه المكانة العليا فحري بنا أن نقوم ببرها وودها ورعايتها كما كان يفعل سلفنا الصالح وشواهد ذلك عديدة وكثيرة.
فقد روي الإمام البزار أن رجلا كان حاملا أمه يطوف بها حول الكعبة, فسأل النبي صلى الله عليه وسلم هل أديت حقها؟ قال لا, ولا بزفرة واحدة” أي من زفرات الطلق والوضع ونحوها وجاء عند البيهقي في شعب الإيمان، والبخاري في الأدب المفرد أن ابن عمر رضي الله عنهما شهد رجلا يمانيا يطوف بالبيت، حمل أمه وراء ظهره وهو يقول إني لها بعيرها المذلل إن أذعرت ركابها لم أذعر الله ربي ذو الجلال الأكبر، حملتها أكثر مما حملتني، فهل ترى جازيتها يا ابن عمر؟ قال ابن عمر لا، ولا بزفرة واحدة، ورى عن رجل من التابعين يقال له حيوة بن شريح إمام محدث وراوية فقيه كان يجلس في درسه مئات من طلبة العلم ينقلون عنه علم رسول الله صلى الله عليه وسلم وحديثه، وبينما هو يلقي الدرس وفي الدرس مئات طلبة العلم تفتح أمه الباب عليه.
وتقول له يا حيوة قم وألقي الشعير إلى الدجاج فيقوم حيوة بن شريح القاضي إلى مكان الدجاج فيعلفه ثم يعود إلى درسه ولا يتأفف عن أمه، وهذا أبو هريرة رضي الله عنه كانت أمه في بيت وهو في آخر، فإذا أراد أن يخرج وقف على بابها فقال السلام عليك يا أمّاه ورحمة الله وبركاته فتقول وعليك يا بني ورحمة الله وبركاته، فيقول رحمك الله كما ربيتني صغيرا فتقول رحمك الله كما بررتني كبيرا، وقيل أنه ﻛﺎﻧﺖ ﺇﻣﺮﺃﺓ ﺗﻀﺮﺏ اﺑﻨﻬا ﺃﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﻮﻣﻴﺎ، ﻭﻛﺎﻥﺍلاﺑﻦ ﻻ ﻳﺒﻜﻲ ﺃﻭ ﻳﺸﺘﻜﻲ ﻣﻦ ﺿﺮﺑﻬﺎ ﻟﻪ، ﻭﻻ ﻳﺘﻠﻔﻆ ﺑﺎﻷﻟﻔﺎﻅ ﻭﻻ ﻳﻌﺘﺮﺽ ﺃﻭﻳﻬﺮﺏ ﻣﻨﻬﺎ، ﻭﺑﻌﺪ ﻣﺮﻭﺭ ﺳﻨﻴﻦ ﺃﺻﺒﺢ ﺍﻹﺑﻦ شابا ﻭﻫﻲ ﻣﺎﺯﺍﻟﺖ ﺗﻀﺮﺑﻪ ﻛﻞ ﻳﻮﻡ أﻣﺎﻡ ﺍﻟﻨﺎﺱ، ﻭﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺿﺮﺑﺘﻪ ﺃﻣﻪ ﻓﺒﻜﻰ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺣﺘﻲ ﺍﺑﺘﻠﺖ ﻟﺤﻴﺘﻪ، وﺣﻴﻨﻤﺎ ﺫﻫﺒﺖ ﺍﻷﻡ ﺑﻌﻴﺪﺍ ﻋﻨﻪ ﺃﺳﺮﻉ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺇﻟﻴﻪ، ﻭﻗﺎﻟﻮﺍ ﻟﻪ ﻣﺎ ﺍﻟﺴﺒﺐ ﺍﻟﺬﻱ ﺟﻌﻠﻚ ﺗﺒﻜﻲ هذه المرة ؟
ﻓﻘﺎﻝ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﻭﻫﻮ ﻳﺒﻜﻲ ﻛﻴﻒ ﻻ ﺃﺑﻜﻲ ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺷﻌﺮ ﺑﺄﻥ ﻗﻮﺓ ﺃﻣﻲ ﻗﺪ ﺿﻌﻔﺖ، ﻛﻴﻒ ﻻ ﺃﺑﻜﻲ ﻭﺑﺎﺏ ﻣﻦ ﺃﺑﻮﺍﺏ ﺍﻟﺠﻨﺔ ﻗﺪ ﺍﻗﺘﺮﺏ ﺃﻥ ﻳﻘﻔﻞ، ويقول ابن عباس رضي الله عنهما إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله عز وجل من برّ الوالدة، وعن السيدة عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” دخلت الجنة فسمعت فيها قراءة فقلت من هذا ؟ قالوا حارثة بن النعمان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم “كذلكم البر كذلكم البر” وكان حارثة أبرّ الناس بأمه.
- الدكروري يكتب عن ثلاث منازل يخلو منها الأب