الدكروري يكتب عن وجوب زكاة الحرث
بقلم / محمـــد الدكـــروري
لقد ذكرت كتب الفقه الإسلامي الكثير عن أنواع الزكاة وعن وجوبها وشروطها، وأما عن شروط ووجوب زكاة الحرث؟ فتجب زكاة الحرث بالشروط العامة الثلاثة وهى الحرية وملك النصاب وصحة الملك، مع إضافة النضج والاكتمال، وكما تجب الزكاة في كل ما يستنبت من الأرض, أي في جميع الزروع والثمار التي يقصد بزراعتها استثمار الأرض ونماؤها ولا تجب الزكاة فيما نبت دون فعل كالحطب والحشيش والقصب ونحو ذلك، إلا إذا قصد به التجارة, فيزكى زكاة عروض التجارة، والزروع والثمار فى اللغةً، وهى زرع والجمع زروع والثمار، هو جمع ثمرة، ولكن يجب قبل كل ذلك مراعاة شروط قبول الأعمال عند الله عز وجل، وهي الإخلاص لله تعالى في العمل المؤدى.
وهو أن يكون صوابا موافقا لأحكام الشريعة، فالعبادات عامة، ومنها الزكاة، وزكاة الزروع والثمار، يجب أن يتحقق فيهما هذان الشرطان لتكون مقبولة عند الله عز وجل، وهو الإخلاص سر بين العبد وربه، حتى تتحقق البركة والطهارة والنماء والصلاح، وكما تضم الأصناف من الجنس الواحد من الزرع أو الثمار بعضها إلى بعض، ولا يضم جنس إلى آخر، وأما إذا تفاوت الزرع رداءه وجودة أخذت الزكاة من أوسطه فما فوق، ولا تؤخذ مما دون الوسط، ويُضم زرع الرجل الواحد بعضه إلى بعض ولو اختلفت الأرض التي زرع، وكما يجوز لصاحب الزرع أن يأكل من زرعه قبل حساب الزكاة، وقبل جني المحصول، وقبل حساب حق الفقير، وكما يجوز لصاحب الزرع أن يأكل من زرعه.
ولا يُحسب عليه ما أكل منه قبل حصاده، لأن العادة جارية به وما يؤكل منه في نظر الفقهاء هو شيء يسير، فمهما أكل صاحب البستان ومهما أكل أولاده أو ضيوفه بالقياس إلى مجموع المحصول شيء يسير، لذلك ربُنا سبحانه وتعالى تجاوز لنا عن هذا اليسير، فإذا حُصد الزرع وصُفى الزرع فهنا يخرج صاحب الأرض زكاة الموجود وقت الحصاد، ولكن هناك عدة أقوال لفقهاء المسلمين في الحاصلات الزراعية التي توجب فيها الزكاة، فقد اختلف العلماء فيما تجب فيه الزكاة من الخارج من الأرض، فذهب الإمام أبو حنيفة إلى أنها تجب في القليل والكثير مما أخرجته الأرض من الحبوب كلها والثمار كلها والفواكه كالموز والرمان والخوخ ، وكذلك من الخضروات والبقول والزهور.
واستدل على ذلك بعموم قول النبى صلى الله عليه وسلم” فيما سقت السماء والعيون، أو كان عثريا، العشر، وفيما سقي بالنضح نصف العشر” رواه البخاري وغيره، وقد ذهب الأئمة الثلاثة إلى أنها تجب فيما يكال ويقتات كالبر والأرز والتمر والزبيب، واستدلوا على ذلك بقول النبى صلى الله عليه وسلم “ليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة” متفق عليه، وقال صلى الله عليه وسلم “وليس فيما دون خمسة أوسق من تمر أو حب صدقة” رواه مسلم وأحمد، وهذا يدل على أن الزكاة إنما تجب فيما يكال ويقتات، كما سبق.