الدكروري يكتب عن عش ما شئت فإنك ميت
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن الموت كأس كل الناس شاربه، وإن القبر باب كل الناس داخله، وقد روي عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال لي جبريل ” يا محمد عش ما شئت فإنك ميت، واحبب من أحببت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك ملاقيه” وفي الصحيح عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال” من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه وإنما يكون ذلكم عند الموت حين يرى المحتضر ما يبشر به بحسب عمله” فإنكم في دار هدنه، وأنتم على ظهر سفر، والسير بكم سريع، وإن هذه القلوب تصدأ كما يصدأ الحديد إذا أصابه الماء وجلاؤها كثرة ذكر الموت وتلاوة القرآن، وإنكم لو رأيتم الأجل ومسيره، لأبغضتم الأمل وغروره، وفي مسند الديلمي رحمه الله عن زيد بن ثابت رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
” وما من أهل بيت إلا وملك الموت يتعاهدهم في كل يوم مرتين فمن وجده قد انقضى أجله قبض روحه فإذا بكى أهله وجزعوا قال لم تبكون ولم تجزعون فو الله ما نقصت لكم عمرا، ولا حبست لكم رزقا وإن لي فيكم لعودة ثم عودة ثم عودة حتى لا أبقي منكم أحدا” وروي عنه صلى الله عليه وسلم قال “احضروا موتاكم ولقنوهم لا إله إلا الله وبشروهم بالجنة، فإن الحليم من الرجال والنساء يتحير عند ذلك المصرع، والذي نفسي بيده لمعاينة ملك الموت أشد من ألف ضربة بالسيف، والذي نفسي بيده لا تخرج نفس عبد من الدنيا حتى يتألم كل عرق منه على حياله، وفي سنن النسائي رحمه الله عن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم قال “إذا حضر المؤمن، أي عند قبض روحه، أتته ملائكة الرحمة بحريرة بيضاء فيقولون أخرجي راضية مرضيا عنك.
إلى روح وريحان ورب غير غضبان فتخرج كأطيب ريح المسك حتى أنه ليناوله بعضهم بعضا حتى يأتوا به باب السماء، فيقولون ما أطيب هذه الريح التي جاءتكم من الأرض فيأتون به أرواح المؤمنين فلهم أشد فرحا من أحدكم بغائبه يقدم عليه، فيسألونه ماذا فعل فلان، ماذا فعلت فلانة فيقولون دعوه فإنه كان في غم الدنيا، فإذا كان، يعني ميتا، قال أما أتاكم قالوا ذهب الأمة الهاوية وإن الكافر إذا حضر أتته ملائكة العذاب بمسح أي كفن من النار، فيقولون أي لروحه، اخرجي ساخطة مسخوطا عليك إلى عذاب الله فتخرج كأنتن ريح جيفة حتى يأتوا بها باب الأرض فيقولون ما أنتن هذه الريح حتى يأتوا بها أرواح كفار يعني في السجن أسفل سافله وفي مسند الإمام أحمد رحمه الله، عن رجل من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال.
“من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قالوا إنا نكره الموت، قال ليس ذلك ولكنه إذا حضر فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم فإذا بشر بذلك أحب لقاء الله، والله عز وجل للقائه أحب وأما إن كان من المكذبين الضالين فنزل من حميم فإذا بشر بذلك كره لقاء الله، والله للقائه أكره” فإن الواجب على المسلم الفطن أن يتفكر في أحوال الأمم السابقة والقرون الماضية وقد بنوا المدائن وجمعوا الخزائن وحفروا الأنهار، وشيدوا القصور وعمروا الديار ولربما ظنوا أنهم في هذه الدنيا مخلدون وما هم عنها براحلين، فبينما هم يعيشون مرفهين في هذا الحلم إذ هجم عليهم هادم اللذات ومفرق الجماعات وهو الموت، فأصبحوا عظاما رميما، ورفاتا هشيما وإذ بمنازلهم خاوية وقصورهم خالية، وأجسادهم بالية، وأصواتهم خافتة.