الرئيسيةمقالاتالذهانات
مقالات

الذهانات

الذهانات

– جاك لاكان

– ترجمة: عبد الهادي الفقير

بقلم/ د. حنان حسن مصطفي 

“ما يُقصى من النظام الرمزي يعود في الواقع بشكل مفزع.”

يمثل كتاب الذهانات (وهو في الأصل دروس ألقاها لاكان بين 1955 و1956) منعطفاً أساسياً في مساره التحليلي، إذ يعيد النظر في مفهوم الجنون والذهان من زاوية اللغة والبنية الرمزية. ينطلق لاكان من قضية مشهورة في تاريخ التحليل النفسي (حالة شريبر) ليُبيّن أن الذهان لا يمكن فهمه باعتباره مجرد خلل بيولوجي أو عاطفي، بل كبنية خاصة للذات ناتجة عن آلية “الإلغاء” أو “الاستبعاد” (forclusion)، أي غياب أحد الدوالّ الأساسية (اسم الأب) من النظام الرمزي للفرد.

المحاور الرئيسية

1. الذهان بين الطب النفسي والتحليل النفسي

لاكان يرفض اختزال الذهان إلى تصنيف طبي سريري، مؤكداً أن الفصام أو البارانويا لا يمكن فهمهما إلا ضمن علاقة الذات باللغة والرموز. فالذهان، في نظره، ليس مجرد “مرض”، بل طريقة خاصة في التواجد داخل العالم.

2. حالة شريبر كنموذج

يستعيد لاكان حالة الرئيس شريبر، التي حللها فرويد، ليكشف كيف أن البنية الذهانية تقوم على فقدان الدال المركزي “اسم الأب”. هذا الغياب يترك فراغاً رمزياً يجعل الذات غير قادرة على تنظيم رغبتها في إطار اجتماعي-لغوي مستقر، فيظهر الذهان كـ”عودة المكبوت في الواقع”.

3. آلية الاستبعاد (Forclusion)

يطرح لاكان تمييزاً دقيقاً بين الكبت (repression) في العصاب، والإلغاء أو الاستبعاد في الذهان. ففي حين يُعاد المكبوت إلى اللاوعي ويظهر بشكل عرضي عند العصابي، فإن المستبعَد في الذهان لا يدخل أبداً البنية الرمزية، فيعود مباشرة في شكل هلوسة أو أوهام.

4. اللغة كمفتاح لفهم الذهان

يركز لاكان على أن الذات تتشكل داخل “النظام الرمزي” الذي تؤسسه اللغة. وعندما يفقد المريض الذهاني إمكانية إدخال “اسم الأب” في شبكته الرمزية، ينكسر توازنه مع اللغة، فتظهر أعراض كبناء منظومات فكرية مغلقة (بارانويا).

5. إعادة الاعتبار لفكر فرويد

يؤكد لاكان أن العودة إلى فرويد لا تعني تكرار نصوصه، بل إعادة قراءتها عبر اللسانيات والبنيوية. فالذهان، بالنسبة له، يبرهن على أن اللاوعي منظم مثل اللغة، وأن أي تحليل لا يمر عبر هذا الفهم يبقى قاصراً.

خلاصة

كتاب الذهانات يكشف عن جرأة لاكان في إعادة صياغة مفاهيم فرويد عبر منظور لغوي-بنيوي. إنه نص صعب وعميق، لكنه أساسي لفهم كيف تتحقق البنية الذهانية لا كخلل عرضي، بل كبنية مغايرة تماماً للعصاب. ومن خلاله، يبرز لاكان أن التحليل النفسي ليس مجرد تقنية علاجية، بل علماً للذات في علاقتها باللغة والرموز.

إشارة إمتياز

الذهانات

– جاك لاكان

– ترجمة: عبد الهادي الفقير

بقلم/ د. حنان حسن مصطفي 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *