السيرة والطريق القويم
بقلم / محمــد الدكـرورى
الحمد لله رب العالمين، اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله واصحابه أجمعين، إن السنة في اللغة هي السيرة، والطريق القويم، وقد وردت في القرآن الكريم بمعنى الطريقة المتبعة، وكلمة السنة إذا أطلقت فهي تنصرف إلى الطريقة المحمودة، وقد تستعمل في الطريقة المذمومة ولكنها تكون مقيّدة، كقول النبي صلى الله عليه وسلم “من سن في الإسلام سنة حسنة، فعمل بها بعده، كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء” فالسنة هنا ضد البدعة.
والبدعة هي طريقة في الدين مخترعة، تضاهي الشريعة، وهي ما أحدث مما ليس له أصل في الشريعة يدل عليه، وقد قال أبو منصور الهروي الأزهري، بأن السنة هى الطريقة المحمودة المستقيمة، وقال الشاطبي، ويطلق لفظ السنة في مقابلة البدعة، فيقال فلان على سنة إذا عمل على وفق ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم، كان ذلك مما نص عليه في الكتاب أو لا، ويقال فلان على بدعة إذا عمل على خلاف ذلك” وقال ابن رجب الحنبلي ” السنة هي الطريق المسلوك فيشمل ذلك التمسك بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون، من الاعتقادات والأعمال والأقوال، وهذه هي السنة الكاملة ” ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم “عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي، عضوا عليها بالنواجذ”
وقال صلى الله عليه وسلم ” فمن رغب عن سنتي فليس مني ” ففيما يتعلق بمصطلحي الحديث والسنة، فإنهما يجتمعان في مواضع، ويفترقان في مواضع أخرى، فإن ما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم، من قول أو فعل أو تقرير يطلق عليه “حديث” كما يسمى أيضا “سنة” ويقول الشيخ عبد الله بن يوسف الجديع ” السنة في المعنى الأُصولي مساوية للحديث، بالتعريف المتقدم عن أهل الحديث، دون قيد أو صفة، واستثناء الصفة النبوية الشريفة من جملة السنن إنما وقع من أجل أن محل الكلام في السنة هو اعتبار كونها من مصادر التشريع، وهذا لا يندرج تحته الأوصاف الذَاتية، وإنما يستفاد من الأقوال والأفعال والتقريرات النبوية” وكذلك فإن كتب الحديث تسمى أيضا بكتب السنة، كما أن أهل الحديث هم أيضا من أهل السنة.
فإذا اطلق لفظ السنة في الشرع فإنما يراد بها ما أمر به النبي صلى الله عليه وسلم، ونهى عنه وندب إليه قولا وفعلا، ولهذا يقال في أدلة الشرع، الكتاب والسنة، أي القرآن والحديث، أما بالنسبة لمواضع الافتراق، فإنه يطلق على هدي النبي صلى الله عليه وسلم، المجمل الثابت في جميع شؤونه “السنة” أي طريقته ومنهجه وصراطه، ولا يطلق العلماء غالبا ههنا مصطلح “الحديث” يقول العلامة سيد سليمان الندوي الهندي ” الحديث كل واقعة نسبت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ولو كان فعلها مرة واحدة في حياته الشريفة ولو رواها عنه شخص واحد.
السيرة والطريق القويم