الشفقة بالمخطأ والمسيء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام علي رسول الله صلي الله عليه وسلم عليكم أيها الناس بتقديم الخدمة للآخرين وقضاء حوائجهم، والتعاون معهم، فإن قضاء حوائج الناس، وتلمس مطالبهم، والعمل على إنهائها، وملاطفتهم في بعض المواقف هو أمر مشروع، ويُؤجر عليه الإنسان، وهو مطلوب لمن يريد أن يتقن فن التعامل مع الآخرين، وخدمة الناس باب واسع وعظيم لكسب ودهم، والاستحواذ على قلوبهم لذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم ” من كان في حاجة أخيه، كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة، فرّج الله عنه كربة من كُرب يوم القيامة” وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” لأن أمشي مع أخي المسلم في حاجة، أحبّ إليّ من أن أعتكف في المسجد شهرا ”
وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم” فذكر منهم ” ورجل منع فضل ماء فيقول الله تعالي اليوم أمنعك فضلي كما منعت فضل ما لم تعمل يداك” وإن من أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم، شفقته بمن يخطئ أو من يخالف الحق وكان يُحسن إليه ويعلمه بأحسن أسلوب بألطف عبارة وأحسن إشارة، من ذلك لما جاءه الفتى يستأذنه في الزنى، فعن أبي أمامة رضي الله عنه قال إن فتى شابا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله، ائذن لي بالزنا، فأقبل القوم عليه فزجروه، وقالوا مه مه فقال له ” ادنه ” فدنا منه قريبا، قال ” أتحبه لأمك؟ ” قال لا والله، جعلني الله فداءك، قال ” ولا الناس يحبونه لأمهاتهم ” قال ” أفتحبه لابنتك؟”
قال لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك، قال ” ولا الناس جميعاً يحبونه لبناتهم” قال ” أفتحبه لأختك؟” قال لا والله جعلني الله فداءك، قال ” ولا الناس جميعا يحبونه لأخواتهم” قال ” أفتحبه لعمتك؟” قال لا والله، جعلني الله فداءك، قال ” ولا الناس جميعا يحبونه لعماتهم” قال ” أفتحبه لخالتك؟” قال لا والله جعلني الله فداءك، قال ” ولا الناس جميعا يحبونه لخالاتهم ” قال فوضع يده عليه، وقال اللهم اغفر ذنبه، وطهر قلبه، وحصّن فرجه ” فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء ” رواه أحمد، ولو رضيت بما قسم الله لك؟ ونظرت إلى نعم الله عليك بالرضا والشكر، عندها فقط تنزاح عنك الكثير من هموم الحياة، فما أجمل الرضا، إنه مصدر السعادة وهدوء البال والرضا باب الله الأعظم، وجنة الدنيا، ومستراح العابدين.
وقرة عيون المشتاقين، ومن ملأ قلبه من الرضا بالقدر، ملأ الله صدره غنى وأمنا، وفرّغ قلبه لمحبته والإنابة إليه والتوكل عليه، ومن فاته حظه من الرضا، امتلأ قلبه بضد ذلك، واشتغل عما فيه سعادته وفلاحه، ولو بسط الله الرزق لعباده ، فوسعه وكثره عندهم لبغوا، فتجاوزوا الحدّ الذي حدّه الله لهم، إلى غير الذي حدّه لهم في بلاده بركوبهم في الأرض ما حظره عليهم ولكنه ينزل رزقهم بقدر لكفايتهم الذي يشاء منه ومعنى الآية هو أنه لو جعل الله عز وجل جميع الناس في بسطة من الرزق لاختل نظام حياتهم ببغي بعضهم على بعض، والله منعك ليعطيك منعك شيئا ليعطيك أفضل منه، وإن الأرزاق مكفولة، ولن تموت نفس حتى تستوفي رزقها وأجلها، فكيف يبتغي بعض الناس الزيادة بالطرق الحرام، أو بالاعتداء على الأبرياء بسرقة أموالهم، أو التحايل على ما في أيديهم، أو ظلمهم والاعتداء عليهم، أو إشهار السلاح في وجوههم، أو قطع طريقهم، مما أصبحنا نسمع به في الصباح والمساء؟الشفقة بالمخطأ والمسيء