الرئيسيةمقالاتالعمل بدون الدخول إلى النوايا
مقالات

العمل بدون الدخول إلى النوايا

العمل بدون الدخول إلى النوايا

العمل بدون الدخول إلى النوايا

محمـــد الدكـــروري

الحمد لله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ولي الصالحين وناصر عباد المؤمنين وأشهد أن محمدا عبده ورسوله بذل حياته جهادا ونصرة حتى أتاه النصر المبين صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه التابعين ومن تبعه بإحسان إلى يوم الدين أما بعد ذكرت المصادر الإسلامية أن القرآن والسنة يعلمنا أننا علينا أن نقيم العمل بما هو عمل بدون الدخول إلى النوايا، وهذه الآية القرانية ” يا أيها الذين آمنوا اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم ” هناك عدة روايات في سبب نزول الآية والأحداث التاريخية التي تنطبق عليها الآية كثيرة جرت في التاريخ ولذلك المفسرون مختلفون فيمن نزلت هذه الآية هل نزلت في أسامة ابن زيد أم خالد ابن الوليد أو غيرهما ممن عاصر النبي الأعظم صلي الله عليه وسلم، ومن ضمن الروايات في تفسير الآية.

هو ما روي عن أسامة ابن زيد أن النبي صلي الله عليه وسلم، بعثه مع مجموعة من الصحابة في سرية إلى حي من الأحياء إسمها حرقه انهزم القوم آنذاك غير المسلمين فبقي واحد منهم وولى هاربا، فقال أسامه بن زيد تبعته مع أحد الأنصار فغشيناه، فلما غشيناه قال لا إله إلا الله، فكيف عنه الأنصاري طعنته برمجي حتى قتلته، فوقع في نفسي من ذلك، ولما قدمنا بلغ النبي صلي الله عليه وسلم، ذلك انزعج رسول الله صلي الله عليه وسلم، إنزعاجا شديدا، وقال يا أسامة قتلته بعد ما قال لاإله إلا الله ؟ قلت كان متعوذا، يعني خوفا من السيف، فكرر عليه رسول الله السؤال عدة مرات ثم قال صلي الله عليه وسلم “هلا شققت عن قلبه حتى تعلم قالها أم لا ” وهذا إشارة إلى أنه هل دخلت إلى قلبه وعرفت ما بداخله؟ الأولى هو إحسان الظن به والنظر إلى شهادته بلا إله إلا الله.

كما هي لا بما يحتمل أن يحمل في قلبه من نوايا هل هي صادقة أم غير صادقة، وهذا يعطينا درسا مهما في التعامل مع الآخر إذا صدر منه قول أو فعل لا يصح أن نحمل فعله على النية السيئة إلا إذا كان هناك علم واضح نواياه، ولا يصح أن نبني ما قاله على افتراضات و احتمالات سيئة فهذا مما لا يرتضيه شرع الله، ومن دوافع سوء الظن هو الحب والبغض وهو ما يسمي بالشخصنه، وهو أحب فلانا أفسر كل ما يصدر من عنده على أنها صح ونوايا صحيحه، وأبغض فلانا فأفسر حتى أعماله الحسنه بتفسيرات سيئة، وهذا تشخيص للعمل بحسب الإنسان الذي يصدر منه هل هو محل حبنا أو محل بغضنا، وهذا مما لايرتضيه شرع الله عز وجل حيث يقول تعالي ” ولا يجرمنكم شنئان قوم علي ألا تعدلوا اعدلوا هو أقرب للتقوي ” وذلك إشارة إلى وجوب العدل في تشخيص الأعمال.

فكما أننا نحمل من نحب على حسن الظن كذلك لاينبغي أن نحمل من يختلف معنا على سوء الظن، بل لابد من نظرة العدل في تقييم العمل، وعين الرضا عن كل عيب كليلة، ولكن عين السخط تبدي المساويا، وهذه النظرة ليست عادلة ربما تؤدي إلى الرضا بعمل المعاصي والتشتت والتفرقة، وقد يكون هناك مشكلة ما بين شريحتين أو صنفين من المجتمع فيكون عندي حكم مسبق على إحدى الشريحتين أنهم كذا وكذا، وبالتالي يكون تقييمنا لأعمالهم بالحكم السابق وهذا من الأخطاء الكبيرة، وحتى لو عندنا هناك أحكام معينة مسبقة واقعية وسليمة نتيجة مواقف سابقة فلايعني أن أطبق تلك الأحكام على هذا الموقف أو ذاك، فلابد من تقييم نفس العمل لنكون منصفين، والحكم المسبق قد يجعل من المظلوم ظالما إذا حكم في موقف حالي بنفس الحكم المسبق.

وكما أن اليوم وسائل التواصل لها دور كبير جدا في تلقينا ففي جو الإختلاف تصل إلينا ربما رسائل من جهة واحدة ولا تأتي من الجهة الأخرى، فيكون تلقينا للمعلومات من طرف واحد، وهنا يأتي دور تأثير التلقين بحيث أن هذا التلقين له دور في العقل اللاواعي ويؤثر تأثيرا سلبيا في إساءة الظن إننا أصبحنا آلة تخزنت فيها معلومات تجاه فلان أو غيره وتراكمت هذه المعلومات دون أن نتلقى معلومات عكسية فهذا مما يؤثر في أننا نحسن الظن في الطرف الذي نتلقى منه المعلومات ونسي الظن في الطرف الآخر، فإذا أراد الإنسان أن يكون منصفا ولا يكون مصطفى بغير عدل عليه أن يسمع من جميع الأطراف، أما التلقي من طرف واحد من خلال أراه وأفعاله سواء كانت سليمة أو لا بدون النظر إلى الطرف الآخر فإننا نكون غير عادلين في الحكم.

فإما إنني أتجنب الحكم أو أتحمل المسؤولية في الوقوف بوقفة القاضي العادل بالإستماع من الطرفين ومن علاجات سوء الظن هي حمل الآخرين على محامل الخير، وعدم الولوج للنوايا، إنما تقييم العمل كما هو في كتاب الله ” ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر و الفؤاد كل أولئك كان عنخ مسئولا” فنحن مسؤولون عن كل ما نسمعه ومشاهده و نقرأه وما تحمله أفئدتنا، وكما أنه علينا الالتفات إلى الجوارح من العين والسمع علينا الالتفات إلى قلوبنا، وروي عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قوله ” إني لم أؤمر أن أنقب قلوب الناس ولا أشق بطونهم ” مع علم النبي الأعظم صلي الله عليه وسلم بنوايا الناس لكنه لا يترتب أثرا عمليا على ذلك إنما يتعامل معهم بما يظهرون له وليس بما في قلوبهم، وهكذا تأتي وصايا القرآن والسنة للحفاظ على الإنسجام العام واللحمه والوحده بين أبناء المجتمع عندما يمتثلون بمثل هذه التوجيهات القرآنية.

العمل بدون الدخول إلى النوايا

العمل بدون الدخول إلى النوايا

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *