
الفاروق وسبب الإنتصار على العدو
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله الحي الباقي، الذي أضاء نوره الآفاق، ورزق المؤمنين حسن الأخلاق وتجلت رحمته بهم إذا بلغت أرواحهم التراق، نحمده تبارك وتعالى، ونستعينه على الصعاب والمشاق، ونعوذ بنور وجهه الكريم من ظلمات الشك والشرك والشقاق، ونسأله السلامة من النفاق وسوء الأخلاق، وأشهد أن لا إله إلا الله القوي الرزاق، الحكم العدل يوم التلاق، خلق الخلق فهم في ملكه أسرى مشدودو الوثاق، أنذر الكافرين بصيحة واحدة ما لها من فواق، وبشر الطائعين بسلام الملائكة عليهم إذا التفت الساق بالساق، أرسل الرسل وأنزل الكتب ليعلم الناس أن إليه يومئذ المساق، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله المتمم لمكارم الأخلاق، لم يكن لعانا ولا سبابا ولا صخابا في الأسواق، خير من صلى وصام ولبّى وركب البراق، وأول الساجدين تحت العرش يوم يكشف عن ساق.
جاهد في سبيل الله منصورا معصوما من الإخفاق، وترك فينا ما إن تمسكنا به علمنا أن ما عندنا ينفد وما عند الله باقي، فاللهم صلي وسلم وبارك عليه ما تعقب العشي الإشراق، وما دام القمر متنقلا في منازله من التمام إلى المحاق ثم أما بعد ذكر الإمام ابن جرير أن فتح بلاد كرمان كان على يدي سهيل بن عدي، ومدينة أمده كانت علي يد عبد الله بن عبد الله بن عتبان، وقيل على يدي عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، وذكر فتح سجستان على يد عاصم بن عمرو، بعد قتال شديد، وكانت ثغورها متسعة وبلادها متباينة ما بين السند إلى نهر بلخ، وكانوا يقاتلون القندهار والترك من ثغورها وفروجها، وكما ذكر أن فتح مدينة مكران كانت على يدي الحكم بن عمرو، وأمده شهاب بن المخارق بن شهاب وسهيل بن عدي، وعبد الله بن عبد الله، فاقتتلوا مع ملك السند.
فهزم الله جموع السند، وغنم المسلمون منهم غنيمة عظيمة، وكتب الحكم بن عمرو بالفتح، وبعث بالأخماس مع صحار العبدي، فلما قدم على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه سأله عن أرض مكران، فقال يا أمير المؤمنين هي أرض سهلها جبل، وماؤها وشل، وثمرها دقل، وعدوها بطل وخيرها قليل، وشرها طويل والكثير بها قليل والقليل بها ضائع، وما وراءها شر منها، فقال أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه أسجاع أنت أم مخبر ؟ فقال لا بل مخبر، فكتب عمر إلى الحكم بن عمرو أن لا يغزو بعد ذلك مكران، وليقتصروا على ما دون النهر، وإن الجملة الشهيرة التي يعلمها الكثير من الناس، وهي مقولة يا سارية الجبل، فهي حادثة تاريخية مشهورة في التراث الإسلامي، تتحدث عن تدخل الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
لنجدة جيش المسلمين في بلاد فارس، عندما كان على المنبر يخطب، وخلال الخطبة صاح أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه بصوت عالي ويقول يا سارية الجبل، الجبل، وعندما سُئل عن ذلك، قال أنه شعر بضرورة تحذير سارية وجيشه من هجوم محتمل، وأنه يجب عليهم اللجوء إلى الجبل، وبعد ذلك تبين أن سارية وقواته كانوا يواجهون صعوبات في المعركة، وأنهم سمعوا صوت عمر يناديهم، مما دفعهم إلى اللجوء إلى الجبل والإنتصار على العدو، فنسأل الله عز وجل أن يرزقنا حسن العمل، وفضل القبول، إنه أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، وأن يجعل بلدنا مصر سخاء رخاء، أمنا أمانا، سلما سلاما وسائر بلاد العالمين، ووفق ولاة أُمورنا لما فيه نفع البلاد والعباد .
الفاروق وسبب الإنتصار على العدو