القليل من فعل الخير
بقلم / محمـــد الدكـــروري
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين، ونصلي ونسلم ونبارك علي إمام الأنبياء والمتقين سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم، روى أبو نعيم عن مالك الداراني أن عمر بن الخطاب رضي الله تعالى عنه أخذ أربعمائة دينار فجعلها في صرة، فقال للغلام اذهب بها إلى أبي عبيدة بن الجراح، ثم انتظر ساعة في البيت حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها الغلام، فقال يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال وصله الله ورحمه، ثم قال تعالي يا جارية، اذهبي بهذه السبعة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، وبهذه الخمسة إلى فلان، حتى أنفذها، فرجع الغلام إلى عمر رضي الله تعالى عنه، وأخبره فوجده قد أعد مثلها لمعاذ بن جبل، فقال اذهب بها إلى معاذ بن جبل.
وانتظر في البيت ساعة حتى تنظر ما يصنع، فذهب بها إليه، فقال يقول لك أمير المؤمنين اجعل هذه في بعض حاجتك، فقال رحمه الله ووصله، تعالي يا جارية، اذهبي إلى بيت فلان بكذا، اذهبي إلى بيت فلان بكذا، فاطلعت امرأة معاذ، فقالت ونحن والله مساكين فأعطنا، ولم يبق في الخرقة إلا ديناران، فدحا أي ألقى بهما إليها، أي أعطاهما، ورجع الغلام إلى عمر، فأخبره، فسُرّ بذلك، وقال “إنهم إخوة بعضهم من بعض” وكما قال عبدالملك بن حبيب رحمه الله كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه “إنه لم يزل للناس وجوه يرفعون حوائج الناس، فأكرم وجوه الناس، فحسب المسلم الضعيف مِن العدل أن ينصف في الحكم والقسمة” وكذلك فإن القليل من فعل الخير مقبول عند الله تعالى.
فيقول تعالى” فمن يعمل مثقال ذرة خير يره” والمعنى أن أي فعل مهما كان قليلا، حتى لو كان مثقال ذرة فإن الله يجزيه على عمله، ويرى نتيجة فعله، واعلموا أن الله تعالى لا يضيع عمل عاملٍ من ذكر أو أنثى، فقد جاء أعرابي إلي النبي صلي الله عليه وسلم وقال ” يا رسول الله عظني ولا تطل، فتلا عليه هذه الآية وهى قوله تعالى” فمن يعمل مثقال ذرة خير يره ومن يعمل مثقال ذرة شر يره” فقال هذا الأعرابى قد كفيت، فلما قال قد كفيت، قال عليه الصلاة والسلام” فقه الرجل” وفي الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلا رأى كلبا يأكل الثرى من العطش، فأخذ الرجل خفه، فجعل يغرف له به حتى أرواه، فشكر الله له فأدخله الجنة، فإن فعل الخير من أخص خصائص المجتمع الإيمانى.
حيث قال تعالى كما جاء فى سورة الحشر ” ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة” أى يقدمون خدمة الآخرين ومصلحتهم العامة على المصلحة الشخصية الخاصة، ويطعمون الطعام للفقراء والمساكين ويقدمون لهم ما يحتاجون إليه من عون ومساعدة، ولا ينتظرون منهم أي مردود، وهذا هو المعنى الصحيح للتطوع، وكان فعل الخير من ألزم الأشياء اللازمة لرسول الله صلي الله عليه وسلم، يوم أن نزل عليه الوحي الالهي ودخل علي زوجته السيدة خديجة رضى الله عنها ويقول زملونى، زملونى، فوصفته صلي الله عليه وسلم بعمله مع المجتمع وحبه الخير للناس وأن ذلك يكون سبب في حفظ الله تعالى له، فقالت “كلا، أبشر، فوالله لا يخزيك الله أبدا، إنك لتصل الرحم، وتصدق الحديث، وتحمل الكل، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق”القليل من فعل الخير