تصاعدت الأصوات الداعية لوقف الحرب في السودان بين قوات الجيش والدعم السريع
متابعة/ أيمن بحر
تشكلت جبهات مدنية لقيادة حراك واسع ضمن مساع مجتمعية لإخماد نيران القتال المشتعلة فى البلاد منذ منتصف أبريل والتى حصدت أرواح مئات المدنيين وخلفت أوضاعا مأساوية.
وترتفع نداءات وقف القتال على طبول الحرب التى كانت تقرع بقوة في المشهد السودانى خلال الأيام التى أعقبت اندلاع الاشتباكات العسكرية فيما برزت موافق إيجابية تجاه خيار التفاوض كسبيل لحل الأزمة.
وبحسب فولكر بيرتس رئيس بعثة الأمم المتحدة فى السودان فإن الجيش وقوات الدعم السريع وافقا على إرسال ممثلين عنهما لإجراء محادثات فى مدينة جدة السعودية أو جوبا عاصمة جنوب السودان فى أكبر اختراق للأزمة.من بين المبادرات السودانية التي تشكلت حديثاً لوقف الصراع هى الجبهة المدنية لإيقاف الحرب واستعادة الديمقراطية والتى تضم لجان المقاومة ومنظمات مجتمع مدني وقوى سياسية مدنية وهيئات نقابية ومهنية وأساتذة جامعات أبرزها نقابات الصحفيين والأطباء والمحاميين الى جانب تجمع المهنيين السودانيين.
ابتدر ناشطون فى منظمات المجتمع المدنى حملة توقيعات تحت مسمى سودانيون ضد الحرب والتى انضم إليها الآلاف من أعلام المجتمع السودانى وشخصيات وطنية بارزة جميعهم ينشدون وقف القتال الدائر بين الجيش وقوات الدعم السريع بأعجل ما تيسر نظراً لتدهور الأوضاع الإنسانية.يقول حسام الدين حيدر – أحد الفاعلين في هذه المبادرات:حراكهم يأتى من منطلق رفض الحرب وهو مبدأ قيمي وأخلاقى يتبناه كل صاحب عقل سليم ينظر الى أن بناء المجتمعات والدول لا يتم الا عبر الاستقرار والسلام.
تقود هذا النشاط قوى سياسية ومدنية ومجتمعية ويأتى ذلك فى إطار أهداف ثورة ديسمبر التى ترفض العنف وخطاب الكراهية وعسكرة الفضاء العام ويقوم عملنا على مخاطبة القاعدة الشعبية للالتفاف والاصطفاف لرفض الحرب التى عانى منها السودانيين على مدى 65 عاما وشكلت معوق حقيقى لتطور البلاد.إلى جانب حراك الداخل، انخرطت الجليات السودانية في عدد من بلدان العالم بينها فرنسا وهولندا وبريطانيا وقفات احتجاجية حملت خلالها لافتات تنادي بوقف الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع وحماية المدنيين وفتح ممرات إنسانية آمنة لإجلاء العالقين وتوصيل المساعدات الإنسانية كما فعلت مجموعات نسائية في ولايتي النيل الأزرق وجنوب دارفور الشي نفسه.
افلحت مبادرة مجتمعية فى إيقاف القتال فى مدينة نيالا عاصمة ولاية جنوب دارفور بعد أن عاشت مواجهات عنيفة بين الجيش وقوات الدعم السريع خلفت عشرات القتلى والجرحى. وقام المبادرون بتقسيم المدينة الى جزئين على ان يقوم الجيش بتأمين الجزء الجنوبي وقوات الدعم السريع على الجانب الشمالى للبلدة وتم نشر الشرطة فى المنتصف لبسط الامن والاستقرار.وصف أستاذ العلوم السياسية بالجامعات السودانية البروفسيور صلاح الدومة هذه المبادرات بأنها حراك جيد ويجب أن يستمر لأنه واحد من اهم وسائل الضغط على الأطراف المتحاربة من أجل وقف القتال الدائر فى انحاء البلاد المختلفة.
يقول الدومة إذا تضافرت هذه التحركات الشعبية مع جهود دولية سوف تقود الى نتائج جيدة في سبيل وقف الحرب مهما كانت الأطراف متعنتة وهذا أمر مثبت فى علم الاجتماع والعلاقات الدولية يجب ان يستمر التلاحم الشعبي وتكوين الجبهات المدنية الرافض لاستمرار الصراع المسلح فى البلاد.
وعلى النقيض يرى الخبير العسكري خليل محمد سليمان أن الوضع فى السودان تجاوز مرحلة المبادرات المحلية وفى طريقه إلى الإفلات حتى من الجهود الدولية المتركزة فى الوقت الراهن على إجلاء الرعايا الأجانب دون اتخاذ خطوات فعالة من اجل تحجيم هذا الصراع الذى بات يتطور يوم تلو الآخر.يقول سليمان لا أتوقع أى نتائج ملموسة من هذه التحركات الشعبية المحلية حتى التفاوض نفسه بات وسيلة غير مجدية نظراً لتعقيدات الصراع وسوف تصطدم أى جولة محادثات قادمة بمسألة الدمج والتسريح ومصير القادة الحاليين للقوات المتحاربة فبالتالى أصبحت الحسم العسكرى لتحقيق انتصار كاسح خيار محبذ لكلى الطرفين.حسام حيدر يرى أن مبادرتهم نجحت حتى الآن في تخفيف حدة الاستقطاب والدعوة الى الحرب وعسكرة الفضاء العام وتمضي بثبات حتى تحقق غاياتها بالوصول الى وقف دائم لإطلاق النار فى البلاد وصولاً الى تفاهمات حول عمليات الدمج والتسريح فى ظل وضع آمن ومستقر.
حصدت المواجهات العسكرية التى اندلعت بين الجيش وقوات الدعم السريع فى يوم 15 ابريل الجارى أرواح 512 شخصاً من المدنيين بينهم 169 من العاصمة الخرطوم وجرح 4193 آخرين فى الخرطوم والولايات وفق وزارة الصحة كما تسبب فى خروج 72 بالمئة من المستشفيات عن الخدمة مما قاد الى أوضاع صحية مأساوية.
فر حوالى 75 الف شخص جراء النزاع فى السودان الى الدول المجاورة مصر وإثيوبيا وتشاد وجنوب السودان وفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية فيما تنظم دول اجنبية عمليات اجلاء واسعة لرعاياها من البلاد.