ادب وثقافة

حب دون قيد..

جريدة موطني

فاطمة عبد العزيز محمد

     __________

حب دون قيد..حب دون قيد..

يعتبر الحب عاطفة نبيلة وشعور سام تترقى وتتجمل به حياتنا وتتلون بألوان بهية تجعل لوجودنا في هذا العالم قيمة وتميز فارق، ولا يمكن البتة أن يستقيم المرء ويكون سويا بدونه، فيظل بحاجة إليه طيلة مدة عيشه على هذه الحياة، ويعد الحب الصادق الذي يكون نهايته الزواج، حلم كل فتاة أو شاب، ولكن هناك العديد من الفتيات التي تقع ضحية لكذب الرجل وغشه، بالإضافة إلي أنها تصبح حبيسة في الدموع والبكاء والانهيار في النهار والليل، ثم بعد ذلك تلعن كل الشباب والرجال وتكره فكرة الارتباط أو الزواج، وذلك بسبب أنها وقعت مع الشخص الخاطئ الذي قام باستغلال مشاعرها بغير حق، لتصدم في نهاية المطاف.

 

ويعيش الكثيرون لسنوات فى قصة حب، معتقدين أنها كل حياتهم قبل أن يكتشفوا أنهم لا يعيشون سوى وهم كبير أضاع “سنوات مهمة” من عمرهم، فليس كل حب يسمي حب نبيل ولكن توجد أنواع كثيرة من الحب التي انحرفت عن المعنى الراقي للحب الحقيقي، فهو الحب الذي لا يملي عليك أي شروط، هو الحب الذي يقبلك كما أنت، بكل عيوبك وبكل مشكلاتك، وكثيرا ما تجد نفسك مجرد وسيلة لتحقيق مصالح من يدعون حبك نفاقا وخداعا، فنتألم وتصبح خائب الأمل، وهذا ما قد يدمر تلك العلاقات، ولربما تجعل مثل هذه المواقف المرء ينسحب بشكل نهائي من حياة من ادعوا حبه زيفا، ومن الجيد دائما أن تدرك مبكرا هذا الحب غير الصادق الذي يقدم لك.

 

وهناك الكثير من الناس اللذين يسعون وراء الحب الصادق، والمخلص، ويرغبون أيضاً في بناء علاقة عاطفية علي أساس سليم ويكون أساسها الصدق، ولكن في الواقع أن هناك فئة أخري من الناس لا يفكرون بنفس هذا المنطق، ويأخذون الموضوع من جوانب أخري، بالإضافة إلي أنهم قد تدفعهم أغراض من أجل مصالحهم الشخصية، قد تكون أغراض مادية، أو معنوية من وراء الارتباط، فيتم وصف هذا الحب علي أنه وصف كاذب، الا أن هناك أيضاً من يحبوك لشخصك كما أنت بكل ما يوجد فيك من عيوب ومحاسن، وليس لمصلحة ما، وهذا لا ينفي وجود أناس يحبونك بصدق حبا في الله غير وقتي، أي لا ينتهي لحين انتهاء المنفعة التي توجد فيك.

 

أما فيما يتعلق بالحب في العلاقات الزوجية فقد أصبح عملة نادرة، بحيث أن هذه العلاقات الآن يغلب على معظمها الجانب المادي المرتبط بما يقدمه الطرفين لبعضهما البعض، مما يعني أنها أصبحت خالية من المعنى الحقيقي للحب الذي ينبغي أن تقوم عليه كأساس من الأسس اللازمة لتكون العلاقة مبنية على قواعد متينة، فكلا الطرفين ينتظر من الآخر أن يقدم له ما يمنحه السعادة على طبق جاهز دون اعتبار لما سيكلف الطرف الآخر من معاناة بمختلف أنواعها.

فالعلاقة الزوجية تحتاج إلى حب صادق لا طمع فيه وإلا صارت هناك مسافة بعيدة بين الطرفين تتسع أكثر كلما كانت هنالك ضائقة ومحنة، وهذا ما يمكنه أن يصنع مشكلات خطيرة جدا، لوجود الحرمان العاطفي من مشاعر الحب الصادقة التي تدع طرفا يلجأ لأطراف أخرى خارج العلاقة الزوجية، لأنها تحتويه عاطفيا وتسمع له وتقدر مشاعره بصدق، فلم يصنع الأزواج هذه الفجوة المدمرة بينهم بتمسكهم بما لا ينفع وتركهم لما هو أساس؟، في الماضي عندما كان الحب حقيقة حاضرا بصدق ومتجذرا بعمق في الحياة الزوجية، كانت المسافات بين الأزواج متقاربة جدا رغم الاختلاف الظاهري المتجلي بوضوح، ولم تكن المادة والمصلحة الذاتية متحكمة في العلاقات الزوجية بقدر ما كانت العاطفة الصادقة أقوى من أي شيء آخر، وليست المغريات القائمة اليوم عذرا للتخلي عن الحب الصادق واللهث وراء المتع الزائلة والنزوات العابرة.

 

إن الحب مسؤولية نحملها بكل أركانها، وليس مجرد نزهة وقتية نسعد به للحظات عابرة، ثم لمجرد ما أن يقع ما يخدشه ويسيء إليه نتخلى عنه ونمل منه فنعود أدراجنا بدونك. 

حب دون قيد..

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار