حضن ابي الضائع
بقلم
هاجر سرحان
امي لماذا تبكين كلما احتضنني ابي هل يذكرك ذلك بجدي رحمه الله
ابتسمت
نعم يا كنز يذكرني بأبي لقد كان حنونًا عطوفًا متفهمًا رحمه الله
احكي لي عنه يا امي
اخذت نفس عميق وابتلعت ريقها بغصه وكأن سكيناً اخترق قلبها
سأحكي لك يا كنز ولكن يجب ان تنامي الان
كان مهاب زوجها يسمعها من الخارج
اغمضت عيناها لتعود لعشرين سنة مضت
صديقتين يقفان تحت الشجرة يتجاذبان اطراف الحديث
اقبل والد مريم فقفزت فرحاً لقد اتى ابي اراك لاحقاً ياسعدية
مريم لا تناديني بهذا الاسم قلت لك الف مرة اسمي سعاد هذا الاسم ليس مجال للمزاح
حسنًا اسفة
كيف حالك يا سعاد
كيف حالك يا عم
احضرت لك ولمريم حلوى
ارتمت مريم بحضن ابيها
شكراً لك يا بابا احبك كثيرًا
اخذها على دراجته واشارت بيدها لسعاد مع السلامه اراك غدا
سرحت سعاد مبتسمة
ليته ابي
حتى فصلها من شرودها جذبة ابيها لها من كتفها وصراخه
سعدية اقبلي هنا بسرعة
قلت لك الف مرة
انتظريني عند باب المدرسه غبية كأمك
اخفضت راسها ولم تنطق بحرف واحد
لتذهب للمنزل وتضع امها الطعام فيعلو صراخ الاب
ما هذا الطعام البارد
تحاول امها ان تبرر لكنه يصفعها ويرحل
اكرهه يا امي اكرهه
ماذا تقولين يا سعاد هذا اباك لا يصح ان تقولي هذا ابدا
انه يحبنا ولكنه عصبي بعض الشئ
كيف لا يحبنا وهو يعمل طوال النهار ليوفر لك الطعام والملبس
لا اريدهم لا اريد ان اكل او ارتدي ملابس
اريد اسماً احبه هل تجرأين على مناداتي سعاد امامه
لماذا سماني بهذا الاسم القبيح ماذنبي ان كان هذا اسم امه
لن اتزوج مثلك ابدا سأتزوج رجلًا اختاره واحبه
حب
اي هراء هذا
هل تقول البنات المحترمات هذه الكلمه
انفجرت سعاد باكيه
يا امي وددت ان احبه ولكنه لا يفعل شئ سوى الصراخ
يسبنا امام الجميع يضربك دائما
لم يحضنني ابدا حتى انه لا يتذكر يوم مولدي
يا امي وددت لو اتيت من مدرستي مهرولة عليه احكي له ما حدث في يومي فينصحني ويشجعني
حضنتها امها
وبكت هي الاخرى
ومرت اعوام
وبدات سعاد تصبح شاب جميلة تخطف الانظار
ويتقدم لها خيرة الشباب فيرفض اباها دون الرجوع لها
ومنهم من اعجب سعاد وتمنت لو دق بابهم
حتى انتشرت سمعتهم ان اباها يرفض كل من يتقدم
حتى اتى ذلك الشاب وتقدم لسعاد وحدث مالم يتخيله احد لقد وافق اباها ولكن سعاد ولاول مره وقفت امام ابيها ورفضته
رفضته لا لشئ ولكن لان اباها وافق عليه
هي لا تثق بإختيارات ابيها
الا انه وكعادته صفعها وانهى الحوار
قد وافقت على هذا الشاب
كانت تعامله سعاد بكل استعلاء وكان يتحمل
فلقد احبها هذا الشاب
حتى توفي اباها قبل زواجها
فتزوجت مهاب بعد محاولات كثيرة منه لمعالجة قلبها
كان مهاب يعلم كل شئ عن ابيها ومعاملته الا انه كان يتركهها تحكي عكس معاملته
فكانت تحكي كم كان حنونًا وكيف كان حضنه دافئ
كان مهاب يعطيها من الحب ما تمنت حتى رات فيه اباها التي تمنت وزوجها ولكنها لم تكن تستطع تمالك دموعها في كل مره يحتضن ابنائهم او يهديهم بيوم ميلادهم كانت سعيده بحنانه ولكن قلبها لم يتعافى من جرح ابيها
حتى اتى ذلك اليوم
الذي حصلت ابنتهم فيه على درجات قليله فما كان منه الا ان احتضنها وقال
لا بأس يا كنز الجميله سوف نذاكر مجددا ونقوي مواطن الضعف
لم تتمالك سعاد دموعها التي خبأتها تحت لحافها كان يشعر بها مهاب كل مره ولكن صوت بكائها هذه تلمره مزق قلبه
فلم يستطع ان يمثل اكثر من ذلك
فتح الباب ورفع لحافها واحتضنها
اعلم ان اباكي كان رجل صعب قاسيًا ويعلم كل من جاوركم ذلك ولكني هنا اسمعك الان يجب ان تبوحي بكل شعور تكتمينه فأنا نصفك الاخر وشريكك
مسحت دموعها
كنت تعلم اني كاذبة طوال هذه السنوات
لست كاذبة يا جميلة العينين
كنتي تجملين اباكي
والان حان الوقت ان تفرغي مشاعرك ضمها لصدره ولكن ابي عير امي بقسوة اخوالي وانا لست كأباكي وبقيت سعاد تحكي كل ما دفنته بقلبها وكم تمنت ان يحتضنها ويحتويها ابيها خالط كلامها بكاء وشهقات وما كان من مهاب الا ان يضمها لصدره اكثر
حكت وحكت وحكت
حتى نامت
ومرت الاسام وخرجت سعاد واسرتها في نزهه فرات ذاك الاب الذي يحتضن ابنته فابتسمت ولم تدمع عيناها
نظرت لزوجها وقالت
لقد تعافى قلبي شكرا لابي ان اختارك لي لقد كان اختيارك لي حنان كل سنواتي معه
ونظرت للسماء رحمك الله يا ابي