الرئيسيةاخبارحياة العقل هي صحة الإدراك
اخبار

حياة العقل هي صحة الإدراك

حياة العقل هي صحة الإدراك
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله خلق الخلق وبالعدل حكم مرتجى العفو ومألوه الأمم كل شيء شاءه رب الورى نافذ الأمر به جف القلم، لك الحمد ربي من ذا الذي يستحق الحمد إن طرقت طوارق الخير تبدي صنع خافيه إليك يا رب كل الكون خاشعة ترجو نوالك فيضا من يدانيه، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، أسلم له من في السماوات والأرض طوعا وكرها وإليه يرجعون، وأشهد أن محمدا عبد الله ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا ثم أما بعد، ذكرت المصادر الإسلامية الكثير عن العقل فقال صاحب المحكم كما في تهذيب الأسماء واللغات، العقل ضد الحمق والجمع عقول، عقل يعقل عقالا، وعقالا فهو عاقل من قوم عقلاء، وقال أبو حاتم وأفضل ما وهب الله لعباده العقل، فالواجب على العاقل أن يكون بما أحيا عقله من الحكمة.

أكلف أي أشد تعلقا وانشغالا منه بما أحيا جسده من القوت لأن قوت الأجساد المطاعم، وقوت العقل الحكم، فكما أن الأجساد تموت عند فقد الطعام والشراب، وكذلك العقول إذا فقدت قوتها من الحكمة ماتت، وقال العلامة ابن قيم الجوزية رحمه الله في مدارج السالكين وحياة العقل هي صحة الإدراك، وقوة الفهم وجودته، وتحقق الانتفاع بالشيء أو التضرر به، وهو نور يخص الله به من يشاء من خلقه، وبحسب تفاوت الناس في قوة ذلك النور وضعفه، ووجوده وعدمه، يقع تفاوت أذهانهم وأفهامهم وإدراكاتهم، ونسبته إلى القلب كنسبة النور الباصر إلى العين، قال الماوردي واعلم أن بالعقل تعرف حقائقُ الأمور، وبه يمتاز الإنسان عن سائر الحيوان، فإذا تم في الإنسان سمي عاقلا، وخرج به إلى حد الكمال، والعاقل هو الذي يحبس نفسه ويردها عن هواها، وسمي العقل عقلا.

لأنه يعقل صاحبه عن التورط في المهالك، أي يحبسه، وقيل العقل هو التمييز الذي به يتميز الإنسان من سائر الحيوان، والعاقل من اتعظ بغيره، والأحمق أو الجاهل من اتعظ به غيره، والعاقل من يكون حاضر العقل والقلب، فلا طيش ولا ضلال، وقال ابن الأنباري رجل عاقل، وهو الجامع لأمره ورأيه، وقال أبو حاتم في روضة العقلاء ونزهة الفضلاء فإن الزمان قد تبين للعاقل تغيره، ولاح للبيب تبدله، حيث يبس ضرعه بعد الغزارة وذبل فرعه بعد النضارة، ونحل عوده بعد الرطوبة وبشع مذاقه بعد العذوبة، فنبع فيه أقوام يدعون التمكن من العقل باستعمال ضد ما يوجب العقل من شهوات صدورهم، وترك ما يوجبه نفس العقل بهجسات قلوبهم، جعلوا أساس العقل الذي يعقدون عليه عند المعضلات النفاق والمداهنة، وفروعه عند ورود النائبات حسن اللباس والفصاحة.

وزعموا أن من أحكم هذه الأشياء الأربع فهو العاقل الذي يجب الإقتداء به ومن تخلف عن إحكامها فهو الأنوك الذي يجب الإزورار عنه، وقد نجد أقواما ادعوا التمكن ورجاحة العقل، غير أنهم إلى الشهوات والشبهات يركضون، ومع النفاق وسوء الأخلاق يجرون، وهم بذلك يخالفون حتى مسمى العقل، فما سمي العقل عقلا إلا أنه يمنع الإنسان من الإقدام علي شهواته إذا قبحت، ويلزمه صراط الله المستقيم، والعاقل من عقل عن الله أمره ونهيه وتمسك بشرعة، ومن ثمرة العقل وفضل العقلاء هو معرفة الله سبحانه وتعالى وأسماؤه وصفات كماله، ونعوت جلاله والايمان بكتبه ورسله، ولقائه وملائكته، وبه عُرفت آيات ربوبيته وأدله وحدانيته، ومعجزات رسله، وبه امتُثلت أوامره، وإجتنبت نواهيه، فهي شجرة عرقها الفكر في العواقب، وساقها الصبر، وأغصانها العلم، وورقها حسن الخلق، وثمرها الحكمة، ومادتها توفيق من أزمة الأمور بيديه، وابتداؤها منه، وانتهاؤها إليه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *