حين يسقط الضوء من عيون الأمل

حين يسقط الضوء من عيون الأمل

بقلم/نشأت البسيوني 

هناك لحظة يا صديقي

تبدو فيها الحياة كأنها توقفت عن الغناء

يبهت فيها اللون من الأشياء

وتنطفئ النوافذ التي كانت تطل على الفرح

تمسك روحك بخيوط الأمل المرتجفة

لكنها تتفلت من بين أصابعك كالماء

فتشعر أنك تمشي في ظلام لا ينتهي

وأن الضوء الذي كنت تراه من بعيد

قد سقط هو الآخر وتركك وحدك في العتمة

حين يسقط الضوء من عيون الأمل

يصبح الحلم ثقيلا كأنك تحمله فوق كتفيك

تصحو كل صباح وأنت تقنع نفسك أن الغد سيكون أجمل

لكن قلبك في العمق يعرف أن الجمال تأخر كثيرا

وأن الصبر بدأ يشيخ فيك قبل الأوان

كم من مرة قلت سأتماسك

ثم انهرت بصمت لا يراه أحد

كم من ليلة انتظرت فيها أن يحدث شيء

أي شيء

ليعيد إليك الإيمان بأن الخير لم يمت بعد

لكن الليل مر طويلا ولم يحدث شيء

حين يسقط الضوء من عيون الأمل

تصبح التفاصيل الصغيرة وجعا مضاعفا

ضحكة الآخرين تذكرك بمدى وحدتك

والأماكن القديمة تعيد إليك وجوها ظننت أنك نسيتها

حتى الأغاني التي كانت تسعدك

تغدو كطعنة من الذكرى

تفتح فيك جرحا نائما

وتجعلك تتنفس وجعك وكأنه قدر لا مفر منه

يا صديقي

ليس سقوط الضوء نهاية الطريق

بل هو بداية اختبار جديد لقوة روحك

حين تغيب الأنوار الخارجية

يولد في داخلك ضوء خافت

ضوء لا يراه أحد

لكنه كاف لأن يقودك إلى النجاة

ربما تسقط الأحلام

وتنهار بعض الجسور

ويخذلك الذين وعدوك بالبقاء

لكن قلبك رغم كل شيء 

سيظل يعرف طريق العودة إلى النور

لأن الله لا يترك روحا أرهقها الأمل

حين يسقط الضوء من عيون الأمل

لا تبك طويلا يا صديقي

فالبكاء لا يعيد ما مضى

لكنه يطهرك من ثقل الحزن

ويمنحك سلاما يشبه التسليم الجميل

ذلك النوع من السلام الذي لا يأتي إلا بعد حرب طويلة مع الحياة

وفي النهاية

حين ترفع رأسك من بين الركام

وتنفض غبار الألم عن روحك

ستدرك أن الضوء لم يسقط تماما

بل عاد إلى مكانه الصحيح

إلى قلبك

حين يسقط الضوء من عيون الأمل