حين ينصلح حال الإنسان مع الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأحد الموافق 10 ديسمبر
الحمد لله الملك القدوس السلام، الذي أعطى كل شيء خلقه على الكمال وعلى التمام، ورفع السماء بلا عمد والأرض وضعها للأنام، فيها جنات معروشات وغير معروشات والنخل ذات الأكمام، وجبال وظلال ولباس وشراب وطعام، وخيل وبغال وحمير وأنعام، فإن الناس إن اجتمعوا على المعروف، فالعالم يذكر، والإمام يقرأ ولا يطيل وإن تعارض الأمران فخيرهما يوائم ويتجنب في أخراه الأخذ الوبيل، تلك أمارات على الطريق ومعالم، فاخترhttps://mawtany.com/?p=217297&preview=true لنفسك من الصلحاء الخليل، واحذر لدى الأوقات غفوة النائم وإياك، وإياك لو أقبلت الدنيا أن تميل، فكم طارت بأجنحة الغرور حمائم وهوت أسيرة الفخاخ بعد قليل، وكم فاحت بطيب الأريج براعم، صبحا فداستها النعال بحلول الأصيل، وقد يغدو الفحل مختالا بين السوائم وصاحبه يربيه طعاما للقبيل.
فلوذ بمليك العرش ودع عنك المزاعم راضيا خاضعا خضوع الذليل، وجنب ظهرك ويحك حملان المآثم فصراط جهنم أدق من الفتيل، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله بالشرع قائم، من تبع سنته رشد، ومن تركها حُرم الدليل، سائل كل منصف بالحق عالم كيف كان الناس قبيل التنزيل، وكيف والحليم منهم بالصنم هائم، وطوافهم بالبيت صفق وعويل، كيف والنساء فيهم للإماء توائم وبناتهم عليهن التراب أهيل، تستصرخ الموءودة فيهم قلب راحم أو عاقلا منهم لعثرة القوم يقيل، وضعيفهم أمسى وليس له من الظلم عاصم ويتيمهم أصبح مقهورا كالفصيل، والبغاء أقيمت على موائده الولائم، لكل راغب، وكذا الضيف النزيل، وشريفهم لفتاته مكرها يساوم طالب المتعة في المبيت أو المقيل، والميسر لهوهم والأنصاب لها مراسم والخمر من أجلها زُرع النخيل.
والوزن بخس والميزان بلا قوائم والغش بيع إذا نقص المكيل، والأمن مفقود والغاصب بغير لائم وحق الجار قد ضيع بالأفاعيل، تباغض وتدابر وتباعد وتظالم وكفر وفسق وجهل يفتقد المثيل، فنزل الأمين والنور له ملازم، على من بنور سنته تمحى الأباطيل، فأنعم به مسكا للنبين خاتم وأكرم به مبعوثا للشرور يزيل، فانظر إذا شئت واقرأ في التراجم، لن تجد في الناس عذبا كهذا السلسبيل، لولاه ما استيقظ من غفلة الشرك نائم ولأصبح إحياء القلوب من المستحيل، فيا رب، صلي على تاج أولي العزائم من ليس لشريعته شرع بديل، وجازه عن كل قائم من أمته وصائم وعن نوره الذي به انقشع الليل الطويل، وحين ينصلح حال الإنسان مع الله عز وجل، وتقوى صلته بربه الخالق العظيم فعند ذلك تستقيم سائر أموره، وتعد الأسرة هي عماد المجتمع ونواته الصلبة.
وكما هي اللبنة الأساسية فيه، ولذلك عني الإسلام بها واهتم برعايتها رعاية كاملة، وبيّن أن أفضل الطرق والسُّبل لإقامتها على النهج القويم، وكما أمر الوالدين بإحسان تربية أبنائهم وحسن رعايتهم، وقد هيأ لذلك شتى الوسائل والسُبل، فبدأ بحُسن اختيار الزوجين كل منهما للأخر، فيجب أن ينبني اختيار الزوج لزوجته والزوجة لزوجها على أساس الدين والتقوى لا على أساس غير ذلك، كالمال والجاه والنسب، وإن نهضة الأمة منوط بتربية أجيال على علم وتحمل المسئولية وما اختلت موازين الأمة، وفسد أبناؤها إلا حينما ضاع الأبناء بين أب مفرط لا يعلم عن حال أبنائه، ولا في أي مرحلة يدرسون، ولا مع من يذهبون ويجالسون، ولا عن مستواهم التحصيلي في الدراسة وبين مدرس خان الأمانة، وتهاون في واجبه، ولم يدرك مسؤوليته.حين ينصلح حال الإنسان مع الله