د. مازن شقير : ” الكيان الصهيوني أخطر الأدوات الاستعمارية عبر العصور ”
حوار محمد الرسلان / سورية
كثيرة هي الأدوات التي تستخدمها القوى الاستعمارية الكبرى وبما انها ضخت أموالا كثيرة لإنشاء وتسخير أدوات لها في المنطقة العربية في العقد الأخير من الزمن.. وبما أن اهم أهداف ماحدث في المنطقة هو تهميش القضية الفلسطينية وتضييع بوصلة الصراع العربي الصهيوني لصالح صراعات محلية بين مكونات مجتمعات بعض الدول العربية .. كان لابد لنا من الوقوف على مسألة الأداة الأخطر التي تخدم مصالح الغرب في المنطقة وهي ليست ” داعش ” كما قد يعتقد البعض فهي أداة فتنة من مكونات الشعوب العربية لكن الأخطر ، هو من خطره أكثر استدامة ومن تأسس عبر مؤتمرات و منهجيات مدروسة بعناية ، إنه الكيان الصهيوني وللوقوف على تفاصيل هذه المسألة كان لنا الحوار التالي مع السيد مازن شقير أمين عام حركة التحرير الفلسطيني الديمقراطي ” دافع ” :
هل هناك أمل حقيقي لكيانات رجعية متخلفة في فكرها ونهجها سواء كانت من المنطقة أو مستجلبة كما هو حال مايسمى بالكيان الصهيوني الذي يصر على الزعم أنه كيان ديني ، هل هناك أمل لهذه الكيانات بأن تكون ” ذوات ” لفترة طويلة ، أم أنها ” ادوات ” وبالتالي قدرها كقدر كل الأدوات الزوال والتخلي عنها ..
سؤالنا تحديدا هل ترى نهاية الكيان الصهيوني وشيكة برغم أنه معترف له بما يسمى بحل الدوليتن وهل يمكن لكيان ما ، أن يصمد لمجرد الاعتراف به من قبل آخرين وتمويله أم أن أي كيان يستمر عبر عشرات الحبال السرية من كيانات أخرى استعمارية هو كيان دائما على شفير الزوال ، وإن كان كذلك فما معوقات زواله ؟
– أوجه الشبه بين الحالتين موجود لكنه تشابه سطحي وطفيف فالاثنين لا يمسّا بعضهما في العمق ، فمن الجهة الأولى :كلا الكيانين أداتين لكن حالة الكيان الصهيوني قد تتحول الى ذات مع مرور الزمن وفي حال توفر الشروط التي تؤهلها لذلك.
من الجهة الثانية : لابد ان نميز بين وجهي الاختلاف بين الكيانين أو الحالتين :
1 – داعش استخدمت كأداة لتحقيق أهداف وغايات لقوى إمبريالية استعمارية تسعى الى تقويض اي نظام لايستجيب لها او يخالف مصالحها لذلك فهي تجند ضعاف النفوس من ضمن أبناء المجتمع نفسه ، وقد تستعين بالمرتزقة من خارج المجتمع
وتوظفهم لإثارة الشغب والاستيلاء على الحكم تحت حجة وذريعة الدين ، من أجل تحقيق رغباتها ، وما ان تصل الى غاياتها سرعان ما يتم التخلص منهم ، كما حصل مع بن لادن وغيره من الأدوات .
2- أما موضوع الكيان الصهيوني فمختلف تماماً ، رغم التشابه الطفيف والسطحي كونه يعتبر أداة أيضاً فالكيان الصهيوني لم يكن اداة محلية تم استنباطها وصناعتها من نفس النسيج الاجتماعي وبأيدي ابناء البلد كما هو الحال في داعش ، بل هو صنيعة دول عالمية كبرى بل هو أداة تم صناعتها واستيراد موادها الخام من غالبية دول العالم ، حيث تم جلب يهود العالم واعتمادهم كقومية او أمة واحدة مضطهدة ومظلومة ، والادعاء أنهم أصحاب الأرض الحقيقيين طردهم العرب من ديارهم اثناء الفتح الإسلامي للمنطقة ، أي انهم زيفوا التاريخ لتثبيت هذا الكيان وزرعه في قلب الوطن العربي ، وقد جاء ذلك القرار من خلال مؤتمر عقدته القوى الاستعمارية لنهب خيرات الوطن العربي وتقاسمها وهذا المؤتمر سمِّي بــمؤتمر كامبل بنرمان
الذي انعقد في لندن عام 1905 واستمرت جلساته حتى 1907، بدعوة سرية من حزب المحافظين البريطانيين الذي يهدف إلى إيجاد آلية تحافظ على تفوق ومكاسب الدول الاستعمارية إلى أطول أمد ممكن ، وضم المؤتمر الدول الاستعمارية القائمة في حينها وهي : بريطانيا، فرنسا، هولندا، بلجيكا، إسبانيا، إيطاليا ، وفي نهاية المؤتمر خرجوا بوثيقة سرية سموها وثيقة كامبل نسبة إلى رئيس الوزراء البريطاني آنذاك هنري كامبل بنرمان . وقد وقع الإختيار على اقامة وطن قومي لليهود في فلسطين ليكون قنبلة موقوتة يتم زرعها في قلب الوطن العربي لأثارة الفتن والصراعات الطائفية والمذهبية وإشعال المنطقة العربية في حروب اهلية دموية بين الأشقاء لتمزيق الوطن العربي وتحوله الى لقمة سائغة في أمعاء القوى الاستعمارية ، فهذه القوى تسعى الى الاعتراف بهذه الدولة المبتكرة ” إسرائيل ” وإدامتها الى أمد بعيد ، لا نها تمثل صمام الأمان لمصالحها ، وستظل تواصل دعمها والدفاع عنها مادامت تستخدمها كوسيلة لإدامة تفوقها ، والسؤال هنا هل تتحول هذه الأداة الى ذات مع مرور الزمن ….؟ و للإجابة على هذا السؤال لابد ان نتحدث بتجرد ، فنقول للأسف نعم ستتحول الى ذات كما تحولت امريكا وطناّ للبيض عندما توفرت شروط التحول ، علماً انها كانت موطن للهنود الحمر . فإنّ استمرار حالة التمزُّق والانقسام التي تعيشها الأمتين العربية والإسلامية وكذلك الثورة الفلسطينية يكون قد توفر شرطاً من اهم شروط التحول وإدامة الحياة لهذا الكيان ، ولاسيما في ظلِّ التهافت العربي للاعتراف به والتطبيع معه ، فلاشك أن دولة الكيان الصهيوني المزعومة ” إسرائيل ” ستصبح أمر واقع يصعب القضاء عليه ، لكن شعبنا سيواصل النضال ومن خلفه محور المقاومة الذي بدأ ينهض من بين الركام نافضاً عن كاهله غبار ازماته ، مستفيداً من المتغيرات الدولية ، وخصوصاً تعاظم دور الصين وروسيا الاتحادية وجميع الدول التي ترفض استمرار سياسة أحادية القطب في إدارة شؤون العالم ، فسيحشد محور المقاومة امكانيات كل الشعوب التواقة للحرية في مواجهة محور الشر الذي تتزعمه الولايات المتحدة الأمريكية ، وسيسعى الى تغيير هذا الواقع حتى إزالة هذه الغدة السرطانية من جسد الوطن العربي وتشييد الدولة الفلسطينية الوطنية الديمقراطية المستقلة كاملة السيادة على كلِّ فلسطين التاريخية وعاصمتها القدس الموحدة ، وعودة جميع الأراضي العربية المغتصبة الى جسد الوطن العربي الكبير بإذن الله .