كتب /نبيل أبوالياسين
«رئيس السنغال» يرد على الإحتجاجات ودعاة الديمقراطية يصفقون
في البداية الهدف من بحثي بشكل مستمر في القضايا العربية والدولية ولا سيما دول إفريقيا وأخرة مقالي هذا عن دولة السنغال والقرار الرشيد والتاريخي، الذي إتخذة الرئيس السنغالي “ماكي سال” والذي يعُد سبق إيجابي في المنطقة بأكملها، هو التعرف على أثر القرار السياسي الرشيد ليس على الديمقراطية فقط بل على النمو الإقتصادي، وتحقيق التنمية الإقتصادية المستدامة، فضلاًعن؛ أنه يقطع الطريق على المتربصين الذي يتأهبون للقرارات السياسية الغير رشيدة في وقت يكون فية الشعوب محتقنة لتأجج هذا الإحتقان للنيل من أمن وإستقرار البلاد، وخاصةً في الوقت الذي يمر فيه العالم بضائقة إقتصادية غير مسبوقة، مع زيادة الصراعات والنزاعات السياسية في كثير من البلدان.
ورداً على الإحتجاجات واسعة النطاق في السنغال، قال: الرئيس السنغالي”ماكي سال” إنه لن يسعىّ لولاية ثالثة في منصبه، وقالت؛ دعاة الديمقراطية وأختص منهم بالذكر الغرب الذين قالوا إنهم يأملون في أن تكون سابقة إيجابية في المنطقة بأكملها في إشارةً منهم إلى دول القارة الإفريقية، وكان “سال” يشغل منصب رئيس الإتحاد الإفريقي سابقاً، فضلاًعن: أنه شغل منصب رئيس وزراء السنغال من أبريل 2004 إلى حتى يونيو 2007، ورئيس الجمعية الوطنية السنغالية من يونيو 2007 إلى نوفمبر 2008، ورئيس بلدية فاتيك مابين بين 2002: 2008، وتقلد هذا المنصب مرة أخرىّ منذ أبريل 2009.
وقد أتي إعلان”سال” في أعقاب معارضة محلية ودولية شملت أكثر الإحتجاجات دموية في تاريخ السنغال الحديث، وقال”سال”، الذي تم إنتخابه في عام 2012، إنه فكر في قراره طويلًا وبعناية، وأنه قرر عدم الترشح لولاية ثالثة في إنتخابات فبراير المقبلة لأنه كان يفكر في مستقبل البلاد، حتى عندما أضاف؛ أن الدستور سوف منحه “الحق” في القيام بذلك، قال”سال” في الخطاب المتلفز على الصعيد الوطني، إنني أكن احتراماً عميقاً للشعب السنغالي، وقد أرىّ في مقالي هذا؛ بأن قرار “سال” صائب و وقان “بتعطيل قنبلة” قد كانت تنفجر، وتتسبب في توسيع فجوة الإحتجاجات لأعمال دموية تكتسح البلاد.
وألفت: في مقالي إلى المعجزة التي نلاحظها دائماً من خلال متابعتنا عن كثب للشأن الإفريقي بصفتنا تابعين لهذة القارة “الإفريقية”هي أنه في كل مرة كان ينتابنا إنطباع بأن السنغال على منحدر”زلق” ويبدو أنه لا رجوع فيه، ولكن نجد أن هناك شيئ يصل لإنقاذ البلاد من هذا الزلق، ورغم حقيقة أن “سال” قرر عدم الترشح لولاية ثالثة، على الرغم من دعم أنصاره القوي له، ولكن يعُد أمراً إيجابي للغاية يستحق الثناء.
ويأتي إعلان سال في الوقت الذي تتعرض فيه المعايير الديمقراطية في المنطقة للتهديد بالفعل، مع وجود حكومات المجلس العسكري التي إستولت على السلطة عبر صراعات ونزاعات سياسية راح ضحيتها الكثير والكثير من المواطنين، وقيل على بعضها بإنقلابات في السلطة، وأبرزها “مالي، وبوركينا فاسو، وغينيا” في ساحل العاج وتوغو، ويعمل الرؤساء حالياً بعد الفترتين المنصوص عليهما في الأصل من قبل دساتيرهم، وشاهدنا لما قالة: رئيس ساحل العاج أنه كانت هناك “إعادة ضبط”، بينما غيرت الهيئة التشريعية في توغو قانونها، وفق ماقال.
كما ألفت في مقالي؛ إلى تغير المناخ الذي يؤجج بطريقة مباشرة أو غير مباشرة التمرد المتطرف في إفريقيا، بجانب صناعي الخلافات والذي يعملون على تأجيجها،
وأن الرئيس السنغالي “ماكي سال” يستحق الثناء على قراره بإحترام الدستور، رغم أن دولة “السنغال”على الخصوص في إفريقيا لها تاريخ طويل في ما يحاول قادتها التمسك بالسلطة بعد حدود ولايتهم، “فـ” الخطوة التي قام بها “سال” مهمة جداً وصحيحة، ونحت البلاد من منزلق خطير قد كان يدمر البلاد، وينبغي أن ينسب إليه الفضل في ذلك، لانه من خلال تصرفة الرشيد والحكيم أنقذ البلاد، وأطاح بكل المحاولات الخبيثة التي كانت تسعىّ وتتأهب لتأجيج الوضع للنيل من آمن وإستقرار السنغال والمنطقة بأكملها.
ونرىّ نحن أن هذا لا يعني أيضاً أنه لا توجد إصلاحات أخرىّ يجب إجراؤها، وأسئلة حول من سيسمح له بالترشح وتحت أي ظروف وكيف سيتم التعامل مع الصحفيين وشخصيات المعارضة، وأن الأسئلة الكبيرة تنتظر المعارضين والوطنيين في البلاد بشأن إستقلال القضاء في السنغال، خلال فترة” سال” وفيما بعدة، حيثُ؛ أدين ثلاثة من خصومه السياسيين بإرتكاب جرائم، فضلاًعن؛ أنه آدين مؤخراً المعارض البارز “عثمان سونكو” بتهمة إفساد الشباب ومحاولة منعهُ من الترشح في إنتخابات فبراير المقبلة.
وأثارت إدانة “سونكو” التي إستنكرها أنصاره لدوافع سياسية، إحتجاجات قالت: فيها السلطات السنغالية إن “16” شخصاً على الأقل لقوا حتفهم، وقدرت منظمة العفو الدولية عدد القتلى بما لا يقل عن 23 قتيلاً بينهم ثلاثة أطفال، وأضافت: إن العديد منهم لقوا حتفهم برصاص الشرطة أو مسلحين مجهولين يعملون معهم، في حينها نفت الحكومة الإتهامات بأن الشرطة أطلقت الذخيرة الحية على المتظاهرين، وتعهد “سال ” يوم منذ عدة أيام قليلة بمحاكمة أولئك الذين ثبتت مسؤوليتهم عن التحريض على الإحتجاجات.
وذُكر أن”سونكو” الذي أحتل المركز الثالث في الإنتخابات الرئاسية لعام 2019، وجذب عدداً كبيراً من المتابعين بين الشباب السنغالي وغيرهم، محتجز في منزله منذ الحكم الصادر في الأول من يونيو الماضي، ولكن لم يتم القبض عليه رسميًا حتى يومنا هذا وفق الصحف السنغالية، وقد دعا منذ أيام قليلة المعارض والمرشح السابق للإنتخابات الرئاسبة السنغالية”عثمان سونكو” إلى “التظاهر بكثافة” تحسباً لترشح “ماكي سال” لولاية ثالثة تُجدد التوتر السياسي في السنغال، وبعدما دعا المعارض”سونكو” أنصاره للخروج إلى التظاهر بكثافة إحتجاجاً على الخطاب الذي سيلقيه الرئيس ماكي سال مساء “الإثنين”الماضي ويكشف فيه عن قراره بشأن ترشحه لولاية رئاسية ثالثة متتالية إلا أنه وبكل حنكة ورشد سياسي من “سال” أعلن عدم ترشحة وأنقذ البلاد وراعى في إعلانة إحترامة لإرادة الشعب السنغالي رغم دعم أنصارة له.
وفي وقت سابق أثارت شائعات عن إعتزام “سال” تمديد فترة حكمه نوبات من الإضطرابات منذ 2021 راح ضحيتها العشرات، وأثرت على النظرة للسنغال بإعتبارها نموذج الديمقراطية المستقرة في غرب إفريقيا وأطاح “سال” بكافة الشكوك والشائعات في خطاب نقله التلفزيون الرسمي السنغالي، قائلاً: إنه كانت الفترة التي بدأت في 2019 هي ولايتي الثانية والأخيرة، وأكن إحتراماً عميقاً للشعب السنغالي بأكملة مؤيد ومعارض، ولن أكون سبب في دخول البلاد في منزلق نحن في غنى عنه الآن وأتمنى للوطن والمواطنين أن يعم علية الآمن والإستقرار بشكل دائم وفق ماقال.
وقد إندلعت أحدث موجة من الاضطرابات الشهر الماضي بسبب هذه الشائعات، وعلى خلفية الحكم على زعيم المعارضة الذي يحظىّ بشعبية عارمة “عثمان سونكو” بالسجن لعامين بتهم ترتبط بمزاعم إغتصاب، وهي إتهامات ينفيها ويقول؛ إنها لها دوافع سياسية لمنعه من الترشح للانتخابات القادمة، ولم يكتف المعارض سونكو بالقول؛ إنه تعرض إلى مكيدة سياسية هدفها إزاحته من الانتخابات الرئاسية المقبلة، بل أكد أنه “محتجز” في منزله بالعاصمة داكار وتحت مراقبة قوات الأمن منذ 28 مايو، وعلى إثر هذا دعا “سونكو “أنصاره إلى الإستعداد للنزول إلى الشوارع إذا أعلن الرئيس عن عزمه الترشح للإنتخابات الرئاسية مرة أخرى.
وأُشيد: في مقالي هذا قرار رئيس السنغال “ماكي سال”، عدم الترشح للإنتخابات الرئاسية السنغالية المقبلة،
بإعتباره دليلاً قوياً على الرشد والحنكة السياسية والقيادة ومثالاً مهماً لبلاده وللعالم، ويجب على جميع قادة دول قارة إفريقيا، والدول العربية أيضاً يحذوا حذو الرئيس السنغالي وتتزين الدول الإفريقية والعربية بزي الديمقراطية وتنهج هذه الدول نهج سياسي جديد ورشيد متواكب مع تطلعات شعوبهم ومتواكب أيضاً من التطوير التكنولوجي، وعلى الدول العربية والإفريقية، والأمم المتحدة أن يقدموا الدعم لحكومة وشعب السنغال في جهودهما لتوطيد تقاليدهما الديمقراطية النابضة بالحياة وتعزيز السلام والإستقرار والتنمية المستدامة.
وختاماً أقول: إن “عثمان سونكو”يعتبر من أبرز المعارضين لنظام الرئيس الحالي “ماكي سال” وأن”سونكو”ولد في 15 يوليو 1974 بمدينة تييس التي تبعد حوالي 70 كيلومترا عن العاصمة داكار، وأمضىّ سنوات من طفولته في منطقة سيبيكوتاني”45 كلم” شرق العاصمة، حيث كان والده موظفا حكومياً، ويعرف”سونكو” بأناقته وفصاحته اللغوية، ويرتدي بدلة سوداء جميلة على الطريقة الغربية وتارة أخرىّ اللباس السنغالي التقليدي، وغايتةُ من خلال حديثة في كل المحافل هي التأثير على القرار السياسي ومحاولة تغيير الوضع، وإقتحم “سونكو” عالم السياسة، وأسس في 2014 حزب الوطنيون من أجل العمل والأخلاق والأخوة المعروف إختصاراً بـ “بستيف”، وهو حزب يسانده الشباب بشكل خاص، ويدافع عن المهمشين وأولئك الذين يعانون من مشاكل إجتماعية وإقتصادية في السنغال، وقيل عنه”بـ”الرجل النظيف،ولكن السؤال المطروح هل سيحظىّ بدعم السنغاليين كما يتوقع ذلك؟.
باحث في القضايا العربية والدولية
“نبيل أبوالياسين”