مصطفي الجزار
كعادته سعادة سفير بعثة السلام بالأمم المتحدة المستشار طه حسين ابو ماجد يجيب علي سؤال محرر الموقع الذي التقي به وسأله..
سعادة سفير السلام بالأمم المتحدة من خلال موقعك كسفيرا للسلام وانت داعية للسلام هل لك ان تجيب علي سؤال جال في خاطري.. من الفاشل الدول أم الشعوب
تفضل مشكور وقال:-
بداية شكرا لموقعم الاخباري المتميز اما إجابتي ولست آسفا ان أقول ليس هناك شعوب فاشلة.. ولكن يوجد دول فاشلة وحكومات فاشلة.. لأننا نحن البشر عموما لدينا دافع طبيعي وفطري للنجاح.. والدول هي التي تصنع البيئة التي تحطم هذا الدافع أو تسمح له بصنع المعجزات..
فهناك من يعتقد أن مشكلة التخلف تكمن في الشعوب وينسى أو يتناسى أنه لولا وجود بلدان قررت أن تتجه نحو النجاح في شتى جوانب الحياة لما توفر للفرد فرص التقدم.
فعندما تطبق الدول ضرورة او الزامية التعليم حتما ستقضي علي الأمية
وحينما تهتم الدول ببناء وتجهيز المستشفيات تتراجع نسبة الأمراض القاتلة وتنخفض معدلات الوفيات.. وعندما توفر الدول وظائف وبعثات خارجية وتعليم نوعي تظهر خيرة الخريجين من أطباء ومهندسين وقانونيين وفنيين من أبناء البلدان الساعية كما هو الحال التوجه الذي تسير عليه مصر.. لأن الدولة قررت أن تمهد طريق النجاح.
كما نري في كثير من الأصعدة والعديد من المجالات..
وأستشهد بما اقوله أن ما فعلته اليابان قديماً حينما أرسلت كبار القياديين الحكوميين والأفراد البارزين والطلاب الواعدين في بعثة أيواكورا وذلك ليجوبوا الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا بحثاً عن كل ما يمكن أن يطور بلادهم.
وقد أسهمت البعثة فعلياً في إحداث نقلة نوعية وقد قرأنا كذلك أن اليابانيين جاؤوا إلى مصر في فترة ازدهارها ليتعلموا منها ما يمكن من قصص النجاح.
لذلك يصعب أن نتخيل أن الشعوب هي التي ترسم فشل بلادها بل الدولة هي التي تستقطب أفضل العقول في شتى الميادين لتطوير البلاد وهي أيضاً ما يمكن أن تدخل الشعب في مغامرات خارجية عسكرية عدوانية فتهدم كل ما بنته.
وما أن تفتح الدولة باباً واعداً في الاقتصاد أو الصحة أو التعليم أو غيرها عبر حسن التشريع والتخطيط فسوف يندفع إليها الأفراد ليشكلوا قصص النجاح التي يشار إليها فلا يمكن لشعب أن ينشئ الصناعة الواعدة من دون تدخل الدولة في الاستفادة من كل تجارب البلدان المتقدمة.
وهذا ما فعلته ألمانيا حيث كانت بلداً ريفياً سرعان ما استفاد من الثورة الصناعية في تشغيل المصانع الكبرى لمكائن معقدة جعلت من مصطلح الماكينة الألمانية علامة عالمية للبلاد وجودة صناعتها وإصرار أفرادها. إذن الدولة هي التي ذللت كل ذلك لينعم الجميع بثمرة النجاح المشترك.
أحياناً أفكر لو أن مصر طليعة الأمة العربية في القرون الماضية قد تأخرت عن إنشاء المدارس النظامية 100 عام أو 50 عاماً هل سنحصد هامات كبرى مثل كبار المهندسين والقانونيين والأدباء والمفكرين الذين قادوا حراك الأمة العربية في بداية العصر الحديث؟ والأمر نفسه يحدث في دول الخليج لو أننا تأخرنا 50 عاماً من عصر الكتاتيب قبل أن ندخل في المدارس النظامية وتسير البعثات إلى أفضل جامعات العالم هل كنا سنجني ما جنيناه من تقدم مذهل في المستوى التعليمي لشعوبنا.
وعندما تقرر الدولة في استثمار الثروة في اي من المجالات أأكد ستتحول العيادات البدائية إلى مدن صحية وتعليمية تضم أفضل المستشفيات والجامعات.
وهناك تجربة سنغافورية من يتأمل فيها يجد نهضة مذهلة في خمسة عقود وهي الفترة الزمنية نفسها التي قطعت فيها دولة الإمارات أشواطاً أذهلت الجميع فتقدم القطاع العام وتسهلت بيئة الأعمال واستقطبت كبريات الشركات للعمل في بيئة حاضنة وجاذبة. وقد أوقد شعلة التقدم الأولى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان.
صحيح أن الفرد يستطيع أن ينجح بمفرده من دون جهود دولة لكن النجاح الجماعي هو ما يكون الإزدهار والتقدم ويصعب أن يحدث ذلك بمعزل عن الرؤية الحكومية الثاقبة فلابد لأي مجال استثماري ان يجد دعما من الدول عندها يأتي دور الشعوب لتنهض مستقوية بحكومتها…
سفير بعثة السلام بالأمم المتحدة بجيب علي سؤال من الفاشل الدول ام الشعوب..؟