شهداء الأخرة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله أحمده وأستعينه وأستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم، أما بعد إن من شهداء الأخره هو المقتول دون ماله، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله، أرأيت إن جاء رجل يريد أخذ مالي؟ قال فلا تعطه مالك، قال أرأيت إن قاتلني؟ قال قاتله، قال أرأيت إن قتلني؟ قال فأنت شهيد، قال أرأيت إن قتلته؟ قال هو في النار” رواه مسلم، وكما أن من شهداء الأخره هو المقتول دون مظلمته فعن سويد بن مقرن رضي الله عنه، قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” مَن قُتل دون مظلمته، فهو شهيد” رواه النسائي.
ومعني مظلمة هو ما أُخذ من الشخص ظلما كأرض، أو بهيمة، أو ثياب، وما أشبه ذلك، فعن عبدالله بن عمرو بن العاص، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ” ما من مسلم يظلم بمظلمة فيقاتل فيقتل إلا قتل شهيدا” رواه أحمد، وكما أن من شهداء الأخره هو المقتول دون دينه أو أهله أو دمه، كل واحد من هؤلاء الثلاثة شهيد عن سعيد بن زيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ” مَن قُتل دون ماله فهو شهيد، ومَن قُتل دون دينه فهو شهيد، ومن قُتل دون دمه فهو شهيد، ومَن قُتل دون أهله فهو شهيد” رواه الترمذي، وكما أن من شهداء الأخره هو موت الغربة، فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” موت غربة شهادة” رواه ابن ماجه.
وكما أن من شهداء الأخره هو الميت مريضا، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم “من مات مريضا، مات شهيدا، ووُقي فتنة القبر، وغُدي وريح عليه برزقه من الجنة ” رواه ابن ماجه، وليس المراد بالحديث مطلق المرض بل هو محمول على مرض الطاعون، نسأل الله تعالي أن يجعلنا من أهل التوحيد، وأن يقوّي عزائمنا بالإيمان، وأن يوفقنا لما يحب ويرضى، وأن يجعلنا من أهل طاعته، وأن يرزقنا السعادة، واتباع سنة نبيه المصطفي صلي الله عليه وسلم، وكما نسأله تعالي الثبات في الأمر، والعزيمة على الرشد، فاللهم أحينا مؤمنين، وتوفنا مسلمين، وألحقنا بالصالحين، غير خزايا ولا مفتونين، واجعلنا من أهل السعادة أجمعين، ولا تفرّق جمعنا هذا إلا بذنب مغفور، وعمل مبرور، وسعي مشكور.
فاللهم انصر إخواننا بفلسطين يا أرحم الراحمين، اللهم عجّل فرجهم، وأمددهم بمدد من عندك، واربط على قلوبهم، وأنزل عليهم السكينة، اللهم أطعمهم من جوع وأمّنهم من خوف، اللهم إنا نسألك أن تجعلهم في عز، وقوة، ومنعة، كن لهم ناصرا ومعينا يا أرحم الراحمين، واقسم ظهور المجرمين، واجعل عاقبة السوء عليهم يا جبار، اللهم امكر بهم، اللهم إنا نسألك أن تأتيهم من حيث لا يحتسبون، وأن تعجّل بانفراط جمعهم، وشتات كلمتهم وذهاب قوتهم، وحلّ بأسهم، اللهم إنا نسألك أن تعجل بالفرج للمسلمين في مصر وفلسطين وسائر أقطار الأرض يا أرحم الراحمين، واغفر لنا برحمتك وآبائنا وأمهاتنا يا أرحم الراحمين، وصل اللهم على النبي المصطفى البشير النذير وعلى آله وصحبه أجمعين والحمد لله رب العالمين.