الدكروري يكتب عن الإنسان وأسباب شكر النعمة
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين ونصلي ونسلم ونبارك علي خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، الذي تعاون صلي الله عليه وسلم مع الصحابة في حفر الخندق، في يوم الأحزاب عندما قرر الرسول صلي الله عليه وسلم والمسلمون حفر الخندق فكان صلي الله عليه وسلم يحفر كواحد منهم وشاركهم البرد والريح والجوع، فقد روي عن أنس رضي الله عنه أنه قال ” خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الخندق، فإذا المهاجرون والأنصار يحفرون في غداة باردة، فلم يكن لهم عبيد يعملون ذلك لهم، فلما رأى ما بهم من النصب أي التعب والجوع، قال صلي الله عليه وسلم” اللهم إن العيش عيش الآخرة، فاغفر للأنصار والمهاجرة” رواه البخاري.
وعن سهل بن سعد رضي الله عنه قال ” كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق وهم يحفرون، ونحن ننقل التراب على أكتافنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة، فاغفر للمهاجرين والأنصار” رواه البخاري، وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال ” رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو ينقل التراب حتى وارى التراب شعر صدره وكان رجلا كثير الشعر” وهو الذي تعاون صلي الله عليه وسلم مع اصحابه، ولا يكتفي المسلم بسماع قصص الحبيب المصطفى محمد صلى الله عليه وسلم لعظمتها وجمالها وما فيها من استشعار لجميل أخلاقه ومواقفه، فيبحث الكثير عن مواقفه مع أهله وصحابته وأعدائه وغيرهم بهدف الاقتداء به والتمسك بسنته لنيل شفاعته صلي الله عليه وسلم.
فاللهم صلي وسلم وبارك علي سيدنا محمد وعلي آله وأصحابه أجمعين، أما بعد فإن من وسائل جلب السعادة هو أن ينظر المرء إلى من هو دونه في أمور الدنيا، فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا، استصغر ما عنده من نعم الله، فكان سببا لمقته، وإذا نظر للدون، شكر النعمة، وتواضع وحمد وعاش في سعادة، فكلما نظرت إلى من هو أقل منك ازددت رضا وقناعة وسعادة فإن كنت فقيرا ففي الناس من هو أفقر منك وإن كنت مريضا ففي الناس من هو أشد منك مرضا وإن كنت ضعيفا ففي الناس من هو أشد منك ضعفا فلماذا ترفع رأسك لتنظر إلى من هو فوقك، ولا تخفضه لتبصر من هو تحتك؟ وقيل أن رجل كان دائما ينظر إلى من هو أعلى منه في الدنيا وكثرة المال والخدم وكيف كانت نهايته؟
فقد روي أن ابن الراوندي الضال جلس على جسر بغداد يسأل الناس فمرت خيل فقال لمن؟ قالوا لعلى بن بلتق غلام الخليفة ثم مرت جواري فقال لمن؟ قالوا لعلى بن بلتق ثم مر به غلام أشفق عليه فأعطاه رغيفا فقال ابن الراوندي الضال لعلى بن بلتق خيل وجواري وأنا أتسول رغيفا فرماه وظل يومه جائعا، فانظر قد اجتمعت فيه خصال الحسد والغل وعدم الرضا بما قسمه الله فختم الله على قلبه فبعد أن كان من أهل السنة انتقل إلى المعتزلة ثم صار رافضيا ثم صار ملحدا ومات على ذلك، كما ذكرت كتب التاريخ وهذه نهاية السخط وعدم الرضا.