قصيدة ،،الجبل،،
بقلم/ الشاعر الأستاذ محمد جمعة سلامة
***************
“تلكٙ العينانِ الدافئتانِ
تتفجًرُ غضباً كالبركانِ
يتساقطُ منها الدّمعُ بل يتٙنٙا
ثرُ بل ينهالُ من الأجفانِ
واستحوذت تلكٙ الدموعُ مكاناً
من شريانِ قلبي فتحرّكت أشجاني
يا واقفاً بين القبورِ تمهُّلاً
عيناك لاتقْوي علي الكتمانِ
فيهما شجنٌ بعيدٌ خافتٌ
في صرخةِ الرّٙجُلِ الواقفِ الحيرانِ
فاسمع لقصّتِهِ ففيها آيةٌ
أنقُلُها من وادي الأحزانِ
هو ذلك الرجلُ الذي كانت
تراهُ العينُ مبتهجاً بكلِّ زمانِ
هوذلك الرجلُ الصّٙبورُ علي قضاءِ
اللّهِ لمْ يشكُ منْ حرمانِ
قد كان في دنيا الرجالِ عظيماً
قدكان جبلاً راسخٙ الأركانِ
في يومِ أنْ زُفّت إليهِ بشارةٌ
بقدومِ طفلٍ ليس بالحسبانِ
من بعد صبرٍ وانتظارٍ دائمٍ
أخذٙ الصبورُ هديّٙةٙ الرّٙحمنِ
فمضي يقبّلهُ والدّمع ُ يسبقُهُ
والقلبُ يسجدُ والعينانِ ضاحكتانِ
والطّفلُ في أحضانِ والدهِ سعيداً
مشرقاً يكبُرُ من دفءِ الأحضانِ
في حينِ أنْ كانٙ النّٙباتُ رضيعاً
قدصارٙ رجلاً كاملٙ البُنيانِ
في جنبِ والدهِ يسيرُ كأنّهُ
متوقّدٌ يمشي مع النّيرانِ
لكنْ عيونُ الحقدِ لاتنْسي بريئاً
ومضت لترقُبٙهُ بكلِّ مكانِ
حتّى إذا ماصار منهم واحداً
عرف الطريقٙ إلى الشيطانِ
عرف الطريق إلى المخدّر المُفتِّر
المكفّرِ المدمّرِ كل إنسان ِ
عرف الطريقٙ السّهلٙ إلى عدمِ الحياةِ
فبات يحيا فى عالم النسيانِ
فى ليلةٍ ماتت نجومُ الليلِ فيها
،وطغى السوادُ على الألوانِ
وٙبٙدٙت رياحُ الحزنِ فيها واضحة
وتنبّٙهت عن نومِها عينُ كل ّجبانِ
وصل الصبىُّ ثقيلةٌ خطواتُهُ
يتمايلُ كهشيمِ العيدانِ
أسفِي إلى الأبِ مارأى من صورةٍ
أسفى عليهِ لمّا التقى الوجهانِ
أسفى إلى من ينتظر نضجٙ الثِّما
رِ ،أن يشهدٙ إحراقٙ البستانِ
فيري الذي ترك الحياةٙ لأجلهِ
مقتولاً ،من سكرات الموت يعاني
وكأنه المذبوحُ يهمسُ قائلا ً
آهٍ أبى ، بعد الأوانِ ترانى
آه ٍ أبى، علّمتنى حلو الحياةِ
وعلمتُ وحدى نصفٙها الثاني
نامٙ الصبىُّ مودِّعاً تلك الحياة ِ
تاركاً لأبيهِ مرارةٙ الحرمانِ
لايصدّقُ مايرى من مشهد ٍ
أبُنىّٙ هذا، أم ضلّت العينانِ
أينٙ الّذى بالتوِّ كان كليمى
ياشرّٙ ماسٙمِعت ْ منه آذاني
أيُّها الجاني،ماذافعٙلْتٙ بي؟
أٙوٙ تدري من قتلتٙ أيُّها الجاني
ياسارقٙ الأ لحانِ ،سرقتٙ اللحنٙ من
عُمري ،بل سرقتٙ العُمرٙ من ألحاني
قد كان لي رُكناً ،وكانٙ لي عيناً
وكنّٙا على الأيام ِ مصطحبان ِ
الآنٙ أمشي بلا ركنٍ ، ضليلاً
يسيرُ إلى الدُّنيا بلا عنوان ِ
لا يمتلك إلاّ دموعاً قائلة
عند اللقاء ِ إلى بني الإنسان ِ
يا كُلّ من ضحّى لأجلِ ولِيدِهِ
أتقدّموهُ، كما قدّمتُ قُرباني
أٙوٙ تدفعونٙ دمٙائٙهُ ثمناً لمنْ
باعوا ضمائرهُم بأرخٙصِ الأثمانِ
ياراحلاً عنِّي، نسيتٙ وداعِى
ياطيفٙ حُزنٍ فى أحلامِ يقظانِ
ياصرخةً نزلت على قلبي جراحا
يادمعة ً أقوى من النيرانِ
ياشمعةً باتت تحرِّقُ نفسٙها
فأُطفِئٙتْ من شدّٙة الذوبان ِ
ندائي عليكٙ العمر ياقلبي
لا ينتهي إلاّ بموت لسانى
********
بقلمى/ محمد جمعة سلامة