«{[كل من عليها فان ، كفى بالموت واعظا]}»
بقلمى : د/علوى القاضى.
… إذا تأملت ستجد الناس أربعة أصناف :
..١- طائع لله وسعيد في الحياة
..٢- طائع لله و تعيس في الحياة
..٣- عاصٍ لله وسعيد في الحياة
..٤- عاصٍ لله وتعيس في الحياة
… إذا وقع تصنيفك في الرقم (١) فهذا طبيعي لأن الله تعالى يقول : « مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَاكَانُوا يَعْمَلُونَ »
… إذا وقع تصنيفك في الرقم (٤) فهذا أيضا طبيعي لقوله تعالى: « وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ »
… أما إذا وقع تصنيفك في الرقم (٢) فهذا يحتمل أمرين :
..- إما أن الله يحبك و يريد اختبار صبرك و رفع درجاتك لقوله : « وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ »
..- وإما أن في طاعتك خللًا وذنوبًا غفلت عنها ومازلت تُسوّف في التوبة منها ولذا يبتليك الله لتعود إليه لقوله تعالى : « وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنَ الْعَذَابِ الْأَدْنَىٰ دُونَ الْعَذَابِ الْأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ »
… و لكن إذا وقع تصنيفك في أصحاب الرقم (٣) فالحذر الحذر لأن هذا قد يكون هو الإستدراج ، وهذا أسوأ موضع يكون فيه الإنسان والعاقبة وخيمة جدًا ، والعقوبة من الله آتية لامحالة إن لم تعتبر قبل فوات الأوان !
… قال تعالى: « فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّىٰ إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُم بَغْتَةً فَإِذَا هُم مُّبْلِسُونَ »
… ( فذكر فإن الذكرى تنفع المؤمنين )
… يقول الحق تبارك وتعالى : ( كل من عليها فان ويبقي وجه ربك ذو الجلال والاكرام )
… نقرأها يوميا فى المصحف ونسمعها من ٱخرين وتمر علينا مر السحاب دون تدبر أوتمعن أواستحضار لمعانيها والعمل بها ، لماذا ؟!
… لاننا شغلتنا الدنيا بمفاتنها وزينتها ( المال والبنون زينة الحياة الدنيا ) ونسينا أن الباقيات الصالحات خير عند ربك
… وكل يوم يزداد الصراع عليها لتحقيق مكاسب أكبر ولانعلم أن الدنيا بمن فيها والأرض بمن عليها وماحولها فى الكون ستفنى
… ولايبق إلا الخالق البارئ المصور الأول الٱخر المحيى المميت
… كل يوم نودع حبيب أوقريب أوزميل نبكيه ونحزن على فراقه ثم نعود نختلط بالأولاد والأموال والزوجات وننسي أن كل ابن ٱدم وإن طالت سلامته يوما على ٱلة حدباء محمول
… كذلك ننسى أننا سنجازى على أعمالنا مهما كانت إن كانت خيرا فخير وإن كانت شرا فشر
… وننسى أيضا أننا سنفارق الأحبه مهما بلغت محبتنا ، هذا حال دنيانا
… وننسى أن المودعين للمتوفى هم جنازة الغد ولانتعظ ومن لم يكن له الموت واعظا فلا واعظ له
… حالنا مثل حال الدجاج فى القفص ، عند شراء الدجاج تجد أن صاحب المحل يدخل يده في القفص ليمسك به من أجل ذبحه ( نهايته )
… ليس هذا هو المهم ولكنه عندما يدخل يده في القفص يهرب الدجاج ويبتعد إلى الداخل ويكون بحالة فزع
… فيأخذ الرجل من حق عليها الذبح فيعود الدجاج إلى وضعه الطبيعي يأكل ويشرب وينسى أنه مطلوب لنهايته ، وتتكرر هذه العملية باستمرار طوال اليوم ، ويبقى الدجاج بين حالتين :
… الأولى : فزع من الذبح ( لحظة الهروب )
… الثانيه : نسيان الموقف فيعود ( للأكل والشرب )
… لكنه مع هذا كله في آخر النهار سيكون القفص مفرغ بالكامل من الدجاج ولايبقى إلا الأثر
… العبرة ياأحبابى أن هذا هو حالنا مع الموت نرى الأموات ونتعظ لحظات أثناء ( مراسم الدفن ) وأحيانا تتجمد العبرات وأحيانا تسيل الدموع وترتفع الأصوات بالبكاء والنحيب على فراق الأحبة والأعزاء ، وبعد ذلك نعود للدنيا كأن شيئا لم يكن
… لكن في نهاية المطاف الكل سيموت هى ( مسألة وقت ) ، يقول الحق تبارك وتعالى : ( كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام )
… فاعتبروا يا أولي الأبصار وكفى بالموت واعظا
… اللهم أسترنا فوق الأرض وتحت الأرض ويوم العرض
… اللهم ارحمنا إذا صرنا إلى ما صاروا إليه
… وصل الله على سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام
… تحياتى …