كيفية الوصول إلى درجة الإبداع
بقلم / محمـــد الدكـــروري
الحمد لله وفق من شاء لعبادته، أحمده سبحانه وأشكره على تيسير طاعته، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وعد المؤمنين بلوغ جنّته، وحذّر العصاة أليم عقوبته، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، كان إماما في دعوته، وقدوة في منهجه، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، صلاة دائمة حتى نبلغ دار كرامته، أما بعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالي، واعلموا أن هناك أسئلة تعين على الإبداع، ويمكن لكل واحد منا توجيهها لنفسه ومن ثم محاولة تلمس إجابة لها، وليس هناك أسئلة نمطية تصلح في كل الأحوال، وإنما يجب إختيار الأسئلة التي تناسب المشكلة محل التفكير، فعلى سبيل المثال يمكنك في مرحلة توليد الأفكار توجيه الأسئلة الآتية، ماذا لو فعلت أو لم أفعل كذا؟ أو لما لا أفعل كذا ؟ أو هل أغير زاوية التفكير، أفكر رأسا على عقب؟
أو ما هي الإفتراضات التي يمكن تجاوزها؟ وكما أنه ينبغي عند تقييم الأفكار يمكنك توجيه الأسئلة منها هل هذه فكرة جيدة؟ أو هل نستطيع تنفيذها؟ أو هل الوقت مناسب لتنفيذها؟ أو من يستطيع مساعدتنا؟ وما هي النتائج التي يمكن أن تترتب في حالة إخفاقها؟ وإن كثيرا من المبدعين لم يصلوا إلى درجة الإبداع إلا بعد أن تخطوا عقبة الأسئلة التقليدية، ذلك أن الإجابة التي تتبلور في أذهاننا إنما تتشكل بحسب السؤال؟ ولكن من هو المبدع وما خصائصه؟ فيقول الخبراء بأن المبدع إنسان كغيره، غير أنه وعاء مملوء بإنفعالات صادقة، تأتيه من كل صوب، سواء من قراءاته أو تأملاته أو ملاحظاته أو حتكاكاته أو إهتماماته، ومعاناته فينفذ ما قرأه وما سمعه وما شاهده وما وعاه، ليتخفف من وطأة الإنفعالات، ومن إزدحام عقله بالرؤى، ولكن هناك خصائص كثيرة يذكرها باحثو الإبداع.
غير أن من أهمها هو الخصائص العقلية مثل الحساسية في تلمس المشكلات، حيث يمتاز المبدع بأنه يدرك المشكلات في المواقف المختلفة أكثر من غيره، فقد يتلمس أكثر من مشكلة تلح على بحث عن حل لها، في حين يرى الآخرون أن كل شيء على ما يرام، أو يتلمسون مشكلة دون الأخريات، وأيضا الطلاقة وتتمثل في القدرة على إستدعاء أكبر عدد ممكن من الأفكار في فترة زمنية قصيرة نسبيا، وبإزدياد تلك القدرة يزداد الإبداع وتنمو شجرته، وهذه الطلاقة تنتظم في الطلاقة الفكرية من حيث سرعة إنتاج وبلورة عدد كبير من الأفكار، وأيضا طلاقة الكلمات من حيث سرعة إنتاج الكلمات والوحدات التعبيرية وإستحضارها بصورة تدعم التفكير، وأيضا طلاقة التعبير من حيث سهولة التعبير عن الأفكار وصياغتها في قالب مفهوم، وكذلك المرونة وتعني القدرة على تغيير زوايا التفكير.
من الأعلى إلى الأسفل والعكس، ومن اليمين إلى اليسار والعكس، ومن الداخل إلى الخارج والعكس، وهكذا، من أجل توليد الأفكار، عبر التخلص من القيود الذهنية المتوهمة والمرونة التلقائية، أو من خلال إعادة بناء أجزاء المشكلة المرونة التكيّفية، فمثلا بإستنطاق قصة الكروان المحبوس في الحفرة وكيف كانت الحلول في إنقاذه سواء بعود الخشب أو باليد أو بوضع الرمال شيئا قشيئا في الحفرة حتي يخرج الكروان، نجد أن أكثر الناس كانوا يفكرون من أعلى إلى أسفل كيف نمسك بالطائر من أعلى؟ ذلك أنهم كانوا يعتقدون بأن الحل يكمن في إيجاد وسيلة معينة يتم إستخدامها من جانبهم الأعلى وإنزالها إلى الطائر الأسفل، وهذه زاوية تفكير جيدة قد تنجح، ولكن الخطورة تكمن في الجمود عليها وعدم التماس زوايا أخرى، بينما وجدنا الطفل المبدع يفكر من زاوية أخرى مع الزاوية الأولى.
وهي من أسفل إلى أعلى وهو ماذا لو جعلنا الطائر يرتفع من جانبه لكي نتمكن من الإمسـاك به، وفعلا جاءت فكرة سكب الرمل بكميات قليلة من الجهات المختلفة للحفرة لكي يرتفع الطائر شيئا فشيئا ويسمي البعض هذا اللون من التفكير بالتفكير رأسا على عقب.
كيفية الوصول إلى درجة الإبداع