المقالات

لفاعله بالثناء عليه، واستنطق الأيدي المقبوضة عنه بالإحسان إليه؟ وكفى بالوفاء فضلا وشرفا أن الله عز

جريده موطني

محاسن الآداب في الشريعة

بقلم / محمـــد الدكـــروري

محاسن الآداب في الشريعة

الحمد لله الذي شرح صدور المؤمنين فانقادوا لطاعته، وحبب إليهم الإيمان وزينه في قلوبهم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، الذي بلغت رحمته صلى الله عليه أن يؤثر أمته على نفسه بدعوته المستجابة شفاعة لهم ورحمة بهم، ومن ذلك أنه يوم القيامة حين يؤذن له في الشفاعة العظمى فيؤذن له ويقال له ” اشفع تشفع ” ولقد بلغ من رحمته رضي الله عنه أنه كان يسأل عن أطفال المسلمين ماذا أكلوا، وماذا شربوا، وكيف ينامون، إنها الرحمة التي علمها رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، ومن لا يرحم الناس لا يرحمه الله، ومن نسي حقوق الناس، وآلام الناس، ومشكلات الناس، عرّض نفسه للغضب والمقت من الله عز وجل، فأين الرحمة بين العباد؟

 

فمن الناس من يشبع وجاره جائع، ومنهم من يلبس أفخر الثياب وجاره لا يجد ما يستر عورته، ومنهم من يسكن القصور الشاهقة، والناس ينامون على الأرصفة، فهل هذه هي الرحمة التي أتى بها النبي صلى الله عليه وسلم؟ وهل هذا هو منهج الإسلام في التعامل مع الآخرين؟ ولقد أثنى الله تعالى على رسوله الكريم وصحابته فوصفهم بالتراحم بينهم، فالرحمة ركيزة من أهم الركائز التي يقوم عليها المجتمع المسلم بجميع أفراده، يستشعرون من خلالها معنى الوحدة والألفة، فيصيرون كالجسد الواحد، الذي يشتكي إذا اشتكى أحد أعضائه، ويتألم إذا تألم، والمؤمن لا يكون إلا رحيما بعباد الله، شفوقا عليهم، محبّا لهم، يحب لهم ما يحب لنفسه، ويكره لهم ما يكره لنفسه، والمؤمن لا يكون متجبرا ولا متكبرا، ولا من الذين يحملون قلوبا قاسية، لا تشفق ولا ترحم ولا تلين.

 

والرحمة والتراحم وصية المؤمن لأخيه، ودعاؤه له، وفي صحيح البخاري عن أبي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله، وليقل له أخوه أو صاحبه يرحمك الله، فإذا قال يرحمك الله، فليقل يهديكم الله ويصلح بالكم” هكذا ينبغي أن يكون المجتمع المسلم، أن يتعامل أفراده بالرحمة فيما بينهم، وأن يتواصوا عليها، وأن يدعو بعضهم لبعض بالرحمة، ولنعلم جميعا بأن للوفاء بالعهود أثره المشهود، ذلك أن الوفاء بالعهد سواء باللسان أو الكتابة، برقابة من الله يحدث السرور في النفوس، ويوثق العرى بين الناس، ويرضي الملك القدوس، وأما الجاحد والخائن للعهود فإن باب الرضا دونه مسدود، وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ الخائنين للأمانات قدوة بقوله.

 

“أدى الأمانة إلى من ائتمنك ولا تخن من خانك” فإن الحديث عن الوفاء حديث شيق وجميل، يتصف بعذوبة معانيه، وجميل مبانيه، لما يتصل به من محاسن الآداب التي تنم عن رقة قلوب من اتصفوا به، وما أحوجنا أن نتصف به في هذه الأزمان التي افتقدت رونقها الصافي، وغشاها القتر الذي أخفى جميل معالمها ولطيف محاسنها، وكم هي تلك المآثر التي تبيّن شرف هذا الأدب الرفيع، حتى ضربت بأصحابه الأمثال، وسار بذكرهم الركبان عبر الليالي والأزمان؟ وكم أعلى الوفاء رتبة من اعتقله بيديه، وأغلى قيمةَ من جعله نصب عينيه، واستنطق الأفواه لفاعله بالثناء عليه، واستنطق الأيدي المقبوضة عنه بالإحسان إليه؟ وكفى بالوفاء فضلا وشرفا أن الله عز وجل قد أمر به في محكم التنزيل، وقال تعالى مادحا أهله فى سورة الرعد ” الذين يوفون بعهد الله ولا ينقضون الميثاق” فما بالك بخلق أمر الله به ومدح من اتصف به؟محاسن الآداب في الشريعة محاسن الآداب في الشريعة

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار