المقالات
لماذا لا تمشي أمورنا في الدنيا كما نريد ؟
لماذا لا تمشي أمورنا في الدنيا كما نريد ؟
كتب الدكتور سمير الشرنوبي
سبحان الله .. هذه الدنيا لا تستقيم لواحد من الناس أبداً
قال النبي عليه الصلاة والسلام :
(( إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترحٍ لا منزل فرح، فمن عرفها، لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء ))
بمعنى :
إن أوتيَ إنسان المال سُلِب الصحة
إن أوتيَ الصحة سُلِب السكينة
إن أوتيَ المال فقد الطمأنينة
إن أوتيَ الطمأنينة فقد المال
إن أوتيَ المال والطمأنينة فقد الزوجة الصالحة
إن أوتيٍ الزوجة الصالحة فقد الأولاد الأبرار
إن أوتيَ أولاداً أبرار وزوجة صالحة، لم يكن له دخل يكفيهم
إن أوتيٍ دخل يكفيهم، كان أولاده أشرار
إن كان كل شيءٍ يسير معه على ما يُرام، كانت صحّته معلولة !
وعلى فرض أن الدنيا استقامت لواحد من الناس بعد جهد جهيد وسعي حثيث، يكون قد ضيّع من أجلها ربيع عمره، وزهرة شبابه !
لا يكاد يجمع ثروة ليسعد بإنفاقها، وما يكاد يقطف ثمار أتعابه، حتى يأتيه ملك الموت ليسلبه في ثانية واحدة ما جمعه في عمر مديد .
إنه لم يذق في حياته طعم الراحة، ولا طعم السكينة، ومع ذلك جاءه ملك الموت قبل أن يتوقع لثانيةٍ واحدة مجيئه، ولم يُعِدَّ لحياته الأبدية شيئاً من استقامة، وعملٍ صالحٍ يلقى بهما ربه، فيقول عند الموت : ﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي﴾
قال تعالى : ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً * يَا وَيْلَتَى لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَاناً خَلِيلاً * لَقَدْ أَضَلَّنِي عَنِ الذِّكْرِ بَعْدَ إِذْ جَاءَنِي وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنْسَانِ خَذُولاً﴾
الخلاصة :
هي دار إلتواء – لا دار استواء ..لا تستوي أبداً
مستحيل وألف ألف ألف مستحيل أن تستقيم لك الأمور كلّها .
والسبب :
أن هذه الدنيا رُكِّبت على النقص رحمةً بنا، ولو جاءت لك الأمور كما تشتهي فهذه أكبر مصيبة، لأنه لو تمَّت لك الأمور كما تريد، لركنت إلى الدنيا، ولكرِهت لقاء الله عزَّ وجلَّ.
فحاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا
وزِنوا أعمالكم قبل أن توزن عليكم
واعلموا أن ملك الموت قد تخطاكم إلى غيركم
وسيتخطى غيركم إليكم
فخذوا حِذركم
الكيّس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت
والعاجز من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله الأمانيَّ .
لماذا لا تمشي أمورنا في الدنيا كما نريد ؟