في مشهد مؤلم تدمع له القلوب قبل العيون، ودّعت أطفيح هذا الأسبوع أربعة من خيرة شبابها، فيما يرقد أكثر من عشرة مصابين في المستشفيات، إثر حادث مأساوي جديد بمصانع الطوب، تلك المصانع التي تحوّلت إلى ساحات تعب وشقاء، بل إلى مقابر مفتوحة لعمال يسعون وراء لقمة عيش كريمة.
ما حدث لا يمكن اعتباره قَدَرًا محتومًا بقدر ما هو نتيجة مباشرة لغياب الرقابة والإهمال الممتد منذ سنوات.
فالطريق المؤدي إلى مصانع الطوب في أطفيح متهالك تمامًا، تغيب عنه الإضاءة ليلاً، وتكثر فيه الحفر والمطبات، ويعاني من انعدام الإشارات والعلامات التحذيرية.
وفي ظل هذا الواقع، يتحرك السائقون في طرقٍ مظلمة وخطرة، وكثيرٌ منهم — للأسف — يقودون تحت تأثير المواد المخدرة دون أي رقابة أو فحص دوري، ما يجعل الحوادث هناك أمرًا متكررًا ومؤلمًا.
أما داخل المصانع، فالوضع لا يقل سوءًا؛ فلا اشتراطات أمان صناعي تُطبق، ولا إشراف حقيقي من وزارة العمل، ولا رعاية أو تأمين من وزارة التضامن الاجتماعي.
العامل يدخل إلى المصنع صباحًا دون أن يطمئن أنه سيعود مساءً إلى أسرته سالمًا!
من هنا، نتوجه بنداء صادق إلى دولة رئيس مجلس الوزراء:
أرواح شباب أطفيح أمانة في أعناقنا جميعًا، والسكوت على هذا الإهمال أصبح جريمة لا تقل عن القتل.
نطالب بسرعة تشكيل لجنة وزارية عاجلة تضم وزارات العمل، والتضامن الاجتماعي، والداخلية، والتنمية المحلية، للوقوف على أسباب هذه الحوادث المتكررة، ووضع خطة عاجلة لإعادة رصف طريق مصانع الطوب، وتزويده بالإضاءة والكاميرات، إلى جانب إجراء تحليل مخدرات دوري للسائقين العاملين في تلك المنطقة.
إن العامل المصري يستحق أن يعمل في بيئة آمنة تحفظ حياته وكرامته، لا أن يُدفن تحت أنقاض الإهمال.
وربما تكون مأساة اليوم جرس إنذار للجميع، لعلّنا نتحرك قبل أن نرثي ضحايا جدد غدًا.
رحم الله شهداء لقمة العيش، وشفى الله المصابين، ولتكن أطفيح بداية الإصلاح قبل أن تكون نهاية الصبر.

