الدكروري يكتب عن أعقل ألناس اعذرهم للناس
الدكروري يكتب عن أعقل الناس أعذرهم للناس
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن أعقل الناس أعذرهم للناس فنحن لم ننشأ فى ظروف واحدة ولم ننشأ في أسر واحدة فإن رؤيتنا للحياة متفاوتة الظروف التي نعيش فيها ومتفاوتة فى تقديرنا للأشياء ومتفاوت كثير من الناس الذين يمكن أن نقول هم أشخاص سيئون المجرمون مثلا الذين نزلوا يعنى دخلوا السجون، وإن الناس المنحرفون المدمنون كثير من هؤلاء سبب ما هم فيه ظروف مروا بها وهذه الظروف ما اختاروها هم، لا اختار أباه المدمن ولا اختار أمه المنحرفة ولا اختار الأسرة الشقية التي نشأ فيها فليس هو ما اختار هذا فإذا هو في جناية من آخر عليه فهذا الإنسان يستحق منا الشفقة ويستحق الرحمة ويستحق التعاطف ونقول لو كنا ونشأنا في الظرف الذي نشأ فيه ربما نكون مثله لنحاول بدل أن نكون نقادا للناس بدل أن نكشف دائما.
أن نمتهن كشف عورات الناس وكشف عيوب الناس، وكذلك التدقيق في أحوال الناس ومتابعة الناس ومراقبة الناس لنفعل شيئا أجمل من هذا وهو أن نظهر يعنى أن نتسامح مع الناس، ونقول لعل له عذرا وأنت تلومه والشيء الآخر بدل أن أكون ناقدا، لأكن قدوة الإنسان المتفوق الإنسان الطيب الإنسان الخلوق الإنسان الرحيم فهو إنسان يجذب الآخرين إليه دائما القيم والمثل لا تفرض لا تستطيع وأنت أن تفرض قيمة على أحد فأنت لا تستطيع أن تفرض مبدأ على آخر وإن القيم تجذب الآخرين حين نرى قيمة أو مثالا أو مبدأ مجسدا في حياة إنسان فهو هذا الإنسان يجذبنا وهذا المبدأ يجذبنا ونتأسى به ونقتدى به ونستفيد منه وبدل أن أكون ناقدا، فأحاول أن أكون قدوة وبدل أن أعتب على فلان وفلان أحاول أن ألتمس له العذر.
فيمكن هذا لا يتنافى مع النصيحة انصحه وأبين له وجه الصواب ولكن علي أن أقول إن هذا الإنسان ربما يكون سبب ما هو فيه ظروف سيئة نشأ فيها وهو كما قلت لم يختر تلك الظروف ولو نشأنا في مثلها فربما نكون أسوأ منه، وأن هناك مفهوم ثالث أيضا في حياتنا الاجتماعية وهو اكتساب ثقة الناس ويكون عن طريق الأعمال وليس عن طريق الأقوال إذا، فلو أراد الإنسان أن يكون موثوقا فهو لا يستطيع أن يكتسب ثقة الناس، ولا يستطيع أن يكون موثوقا ولا يستطيع أن يكون محل احترام، ولا يستطيع أن يكون محل تقدير أو محل تعاطف عن طريق الأقوال ويعنى ذلك أنه لا يستطيع أن يقول أنا موثوق لذلك ثقوا بي أنا محترم، أو احترموني أنا يعني كذا، فإنه لا يستطيع هو عن طريق الأقوال.
فإذا أراد الإنسان أن يكون موثوقا فليتصرف بتصرفات الإنسان الموثوق فيه وإن أهم صفتين في الإنسان الموثوق فيه هي الصدق والأمانة فالإنسان الموثوق فيه هو ذو المصداقية الذى يعني تستطيع أن تعامله على أنه موثوق فيه فهو إنسان صادق لا يكذب، حتى لو كان الكذب سيأتى إليه ببعض الأضرار فهو يتحمل الضرر في سبيل أن يكون صادقا وهو إلى جانب هذا هو إنسان مؤتمن حين يؤتمن على شيء يؤتمن على سر أو يؤتمن على قول أو يؤتمن على وضعية هو إنسان مؤتمن، ولذلك فإن الناس يثقون به وإذا أنت تأملت في حياة الأشخاص الموثوقين لوجدت أن أهم صفتين لديهم هما الصدق والأمانة، وأيضا فإن هناك نقطة رابعة في حياتنا الاجتماعية أو إن شئنا أن نقول، فى الجانب الاجتماعى من شخصياتنا.
وهو أن نعامل الناس على أساس مجموعة من القيم الموحدة وهذه تعتبر نقطة اختبار لنا ونقطة ابتلاء لنا في هذه الحياة ولا يصح أبدا أن أتواضع أمام إنسان لأنه قوى أو لأنه وجيه أو لأنه ثرى وأتكبر على إنسان لأنه ضعيف أو لأنه فقير أو لأنه جاهل فإن هذا لا يصح ولا يجوز.