الدكروري يكتب عن نعم الحوار البناء
بقلم / محمـــد الدكـــروري
إن نعم الحوار البناء هو أن ترى محاورك ما لا يرى، وأن تقول للمحاور عندك نقطة غامضة أشرحها لك ويقول لك محاورك أنت أيضا عند نقطة غامضة أشرحها لك وليس القصد من الحوار أن أتفوق عليك أو أن تتفوق على ولكن يكون لديك نقطة معتمة لا تراها أريك إياها وتكون لدى نقطة معتمة لا أراها ترينى إياها، لكن نحن لا نتحاور ولا نؤمن في تغذية عقولنا، وفى تجديد عقولنا أو فى تجديد معارفنا لأننا نعتقد بأن ما لدينا كافى، وما لدينا من معارف ومن مفاهيم من خطط ليس كافيا وهو ناقص ونحن دائما بني البشر صدر عن رؤية جزئية لا نرى إلا جزءا من الحقيقة عندما أتحاور معك فترينى أشياء أنا لا أراها وأريك أنت أشياء لا تراها فإن الأفكار لا تنضج إلا حينما تلوكها الألسنة فى الناظرة وفى الحوار.
وفى النقاش أيضا نحن لا نتحاور لأننا لا نعترف لبعضنا بحق التعبير عن الذات من حق الإنسان أن يعبر عن رغباته أن يعبر عن أفكاره عن آرائه وعن مقترحاته فى إطار الثوابت في إطار المبادئ الكبرى أن يعبر الإنسان عن هذا، وهذا جزء من حقوقه جزء من حقوق الإنسان أن يعبر عن رؤيته للحياة، ومن حقوقه علينا حتى الطفل الصغير من حقه علينا أن نسمع له ومن حقه أيضا هو أن يسمع أو أن يناقش وأن يعدل فى شيء يمس حياته، وأيضا من طرق تجديد العقل التفكير، وأن نفكر بطريقة نقدية وللأسف الشديد بعض الناس يظن أن التفكير النقدى هو أن يكتشف ما لدى الناس من عيوب هذا هو النقد فى نظرهم هذا ليس هو هذا جزء من النقد، فإن النقد أن ترى المسالب وترى النواقص وكن إلى جانبها أيضا ترى شيئا آخر.
فترى مساحات الخير فى الأشياء وترى مساحات الجمال، ومساحات الفضيلة، ومساحات التفوق، ومساحات الإبداع، فكل هذه الأشياء هى من النقد فالنقد هو أن نرى أو نحاول أن نرى الإيجابيات والسلبيات فى الأشياء، فنحن حتى نغذى عقولنا، وحتى ننمى هذه العقول علينا أن نعتمد التفكير النقدى أساسا فى الحياة فكل خطة تعرض وكل معلومة تعرض وكل شيء يعرض فنقول تعالوا تعالوا لنفكر ما إيجابيات هذا الموضوع فهذه القضية وهذه الخطة ما إيجابياتها وما سلبياتها وما المشكلات التى تترتب عليها وما الفوائد التى يمكن أن نجنيها منها، وأيضا من طرق تجديد العقل الملاحظة أن نلاحظ للأسف الشديد نحن نقرأ وننظر ونسمع لكن لا نفكر فى الأشياء التى ننظر فيها والتى نسمعها والتى نقرأها.
لا نستطيع أن نربط بين الأشياء يعنى لا نستطيع أن نقول لماذا فى العالم المتخلف التعليم متخلف مثلا ولماذا ما أسبابه ونلاحظ هذا هل هو من سوء أداء الأساتذة وهل هو من التجهيزات وهل هو من الأسرة، فنلاحظ ونربط بين الظواهر، فنربط بين الظواهر التى نراها ونفصل النتائج عن المقدمات ونربط بينها ربطا صحيحا من أجل تنمية عقولنا، فإن العقل لا يزدهر ولا يتألق ولا يتوهج إلا إذا اهتممنا به وإلا إذا اعتنينا به وإلا إذا أعطيناه حقه فأعطى للعقل حقه واطلب منه أيضا وستأخذ منه الكثير والكثير، فإن لأول مرة فى تاريخ البشرية يعيش الناس فى ظل حضارة واحدة فى الماضى، حيث كانت هناك حضارات إقليمية لكن اليوم هناك حضارة غالبة تعم العالم كله ولذلك ليس هناك اليوم صراع حضارى كما يقال.
فإن هناك حضارة واحدة وهناك ثقافات متعددة، نعم هناك صراع ثقافى، وخصوصيات ثقافية ورؤى ثقافية خاصة ومن بين تلك الرؤى رؤيتنا نحن أى الثقافة الإسلامية، فهذه الحضارة لا شك أنها هى الحضارة الغربية ولأول مرة فى التاريخ أيضا يخيم على العالم نمط حضارى إلحادي لا يؤمن بالله تعالى ولا يقيم وزنا ويذكر لتعاليمه وحضارة تتحدث عن حقوق الإنسان ولكنها لا تتحدث بأى شيء عن حقوق الله تبارك وتعالى، فإن هذه الحضارة مشكلاتها كثيرة والمآخذ عليها كثيرة ومنافعها أيضا كثيرة والفرص التى تتيحها كثيرة.