بقلم شعبان شحاتة
انقسم الفقهاء في مشروعية القرعة إلى فريقين
الفريق الأول : المالكية والحنابلة والشافعية وبعض الأمامية والظاهرية والزيدية وقد استدل هذا الفريق على مشروعية بالكتاب والسنة والإجماع اما الكتاب
أ- قوله تعالى : ” وما كنت لديهم إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم وما كنت إذ يختصمون ” آل عمران 44
وجه الدلالة : الاستهام والاقتراع لكفالة مريم ويراجع ما ذكرنـاه سـابقا عنـد تفسير الآية وقد ذكرنا ذلك بالتفصيل فلا داعي للتكرار قوله تعالي ” وإن يونس لمن المرسلين إذ أبق إلى الفلـك المشحون فساهم فكان من المدحضين ” الصافات 139-141 وجه الدلالـة ” فسـاهم فكان من المدحضين ” صريح في الدلالة على القرعة وتطبيقها والاحتكام إليها ويراجع ما ذكرناه سابقا وأما السنة
وقد ذكرنا سابقا عدد كثير من الأحاديث تحت عنوان أحاديث وردت في القرعة 1 – حديث الرجل الذي اعتق سنة عبيد
وقد اعترض الأمام أبي حنيفة علي القرعة وقال لا تجوز لأن فيها ظلما للعبيـد لأن السيد قصد عتق الجميع والمانع هو حق الورقة فوجب أن يقع العتق شـائعا فيهم فينال كل واحد حصته منه
وقد قام بالرد علي ذلك الأمام الخطابي في معالم السنن فقال ” هذا قياس تـرده السنة وإذا قال صاحب الشريعة قولا وحكم بحكم لم يجز الاعتراض عليه بـرأي
ولا مقابلته بأصل آخر ويجب تقريره علي حالة واتخاذه أصلا وقد ذكرنا سابقا أحاديث كثيرة في القرعة فليرجع إليها
الإجماع : اتفق فقهاء التابعين علي العمل بالقرعة ومنهم عمر بن عبد العزيـز وخارجة بن زيد وابن سيرين ولم يخالفهم أحد فصار إجماعا وقد ذكرنا مسـائل كثيرة تم الإجماع عليها في القرعة وذكر ابن القيم أن القرعة أقوى من كثير من الطرق التي يحكم بها من أبطلـها كمعاقد القمط والخص ووجوه الأجر ونحو ذلك وأقوى من الحكم يكون الزوجـة فراشا بمجرد العقد وان علم قطعا عدم اجتماعهما وأقوى من الحكــم بـالتكول
المجرد
( ¹ )
وتنص المادة ٢/٨٣٩ من القانون المدني المصري فان كانت الحصص لم تعيين بطريق التجنيب تجرى القسمة بطريق الاقتراع وتثبت المحكمة ذلك في محضرها وتصدرها حكما بإعطاء كل شريك نصيبه المقرر
الفريق الثاني أن القرعة غير مشروعة وقال بذلك الحنفية
وقد استدلوا علي عدم مشروعية القرعة بالسنة والقياس
من السنة
احتج الحنفية علي عدم مشروعية القرعة بالأحاديث التي وردت في القسمة بين المتخاصمين وعدم الاقراع بينهم وقد ذكرنا كلاما من نتائج الأفكار سابقا في هذا
الكتاب
وروى الأمام أحمد وأبو داود والنسائي عن أبي موسي الأشعرى أن رجلين أدعيا بعيرا علي عهد النبي ﷺ فبعث كل واحد منهما بشاهدين فقسمه النبي نصفيـن وجه الدلالة : ان الرسول ﷺ استعمل القسمة ولم يقرع بين الخصمين فدل علـى عدم مشروعية القرعة ويرد على ذلك بأنه لا اعتراض بيـن أحـاديث القرعـة وأحاديث القسمة
قياس القرعة على القمار : واعترض علي ذلك بأنه قياس مع الفارق قال المروذي : قلت لأبي عبد الله أن ابن أكثم يقول : ان القرعة قمار قال هـذا قول ردىء خبيث ثم قال كيف ؟ وقد يحكمون هم بالقرعه في وقـت إذا قسـمت الدار ولم يرضوا قالوا يقرع بينهم القول بان القرعة نسخت قال الأمام احمد بن حنبل من أدعى أن القرعة منسوخة فقد كذب وقال الزور القرعة سنة رسول الله ﷺ : أقرع في ثلاث مواضع أقرع بيـن الأعبد الستة وأقرع بين نسائه لما أراد السفر وأقرع بين رجلين تدارءا في دابة وهي في القرآن في موضعين
الراجح ويظهر ترجيح قول الجمهور القائلين بمشروعية القرعة لقوة أدلتـهم وصحـة الأحاديث التي استندوا إليها ويراجع كلام الجمهور وأدلتـهم وأننـي أرى أن القرعة مهمة في بعض الأشياء وقد نصت عليها القوانين وهذا إحـدى طـرق الإحكام ولنا في رسول الله ﷺ الأسوة الحسنة في ذلك اقرع في مواضع وكذلـك السلف الصالح اقترعوا في مواضع فدل ذلك على صحتها