من تعلم العلم ليباهي به العلماء
محمـــد الدكـــروري
الحمد لله حمدا كثيرا كما أمر،و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له إرغاما لمن جحد وكفر، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، سيد الخلائق والبشر، الشفيع المشفع في الحشر، صلى الله عليه وعلى أصحابه ما اتصلت عين بنظر، وسمعت أذن بخبر، ثم أما بعد ذكرت المصادر الإسلاميه أن الرجل يحب لأخيه ما يحب لنفسه إذا سلم من الحسد والغل والغش والحقد، وذلك واجب كما قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم “لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا” فالمؤمن أخو المؤمن، يحب له ما يحب لنفسه، ويحزن ما يحزنه، كما قال عليه الصلاة والسلام “مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم، كمثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو، تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر” فإذا أحب المؤمن لنفسه فضيلة من دين أو غيره، أحب أن يكون لأخيه نظيرها.
من غير أن تزول عنه كما قال ابن عباس رضي الله عنهما “إني لأمرّ بالآية من القرآن فأفهمها، فأود أن الناس كلهم فهموا منها ما أفهم” وكما قال الإمام الشافعي رحمه الله “وددت أن الناس كلهم تعلموا هذا العلم، ولم ينسب إليّ منه شيء” فأما حب التفرد عن الناس بفعل ديني أو دنيوي، فإنه مذموم، حيث قال الله تعالى ” تلك الدار الآخرة نجعلها للذين لا يريدون علوا في الأرض ولا فسادا ” ولذا قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقال غيره مثله أيضا هو ألا يحب أن يكون نعله خيرا من نعل غيره، ولا ثوبه خيرا من ثوبه، وفي الحديث المشهور في السنن ” من تعلم العلم ليباهي به العلماء، أو يماري به السفهاء، أو يصرف به وجوه الناس إليه فليتبوأ مقعده من النار” فتأملوا رحمكم الله هذه الدلائل العظيمة العميقة في معنى هذا الحديث، أنك تكون على هذه الجادة الكريمة.
التي إنما تسلكها الأنفس الشريفة التي تخلقت بأخلاق الأنبياء، ورثت ما ورّثوه من العلم العظيم الذي فيه الإحسان إلى الخلق وتقديم الخير لهم، وأما من كان على سوى ذلك ممن يصبح ويمسي وهو يتقلب في الحسد والحقد نحو الآخرين فإنه ليس له طريق إلى هذه المكارم، وليس له سبيل إلى هذا الشرف الرفيع، قال العلامة ابن بطال المالكي رحمه الله روي عن الفضيل بن عياض أنه قال سفيان بن عيينة “إن كنت تريد أن يكون الناس كلهم مثلك، فما أديت النصيحة، كيف وأنت تود أنهم دونك” وقال بعض الناس المراد بهذا الحديث كف الأذى المكروه عن الناس، ويشبه معناه قول الأحنف بن قيس قال “كنت إذا كرهت شيئا من غيري، لم أفعل بأحد مثله” تأملوا هذا الأصل العظيم المفرغ عن هذا الحديث الشريف، فإننا أيها الإخوة المؤمنون لو عملنا هذا التوجيه النبوي.
لرأينا خيرا كثيرا في مجتمعاتنا، ولقيت المظاهر والظواهر السلبية التي فيها إضرار بالآخرين، وإن إعمال هذا الحديث استحضار في تعاملاتنا، سيكلف عنا كثيرا من الشرور التي تئن منها المجتمعات، إن هذا سيساعد على أنواع كثيرة من الخيرات والبركات، وسيكون كثيرا من الأضرار والشرور، بدءا من كون الإنسان في تعامله في دائرته القريبة، ثم في الدوائر المتعددة، ولذلك لما تمثل السلف رحمهم الله دلالة هذا الحديث، كان أحدهم يطمئن إلى الآخر في بيعه وشراء، وفي تعاملاته كلها، لما حضر أحدهم إلى السوق وهو يريد أن يبيع دابة، قال له لو كنت أنت المشتري، يقول المشتري للبائع لو كنت أنت المشتري، ترضاها؟ قال والله لو لم أرضها لنفسي لم أرضها لك، وهذا القانون لو تمثله الناس في بيوعهم وتجار اتهم، لقلّ الغش وازدهرت التجارة.
وتنوعت المصانع والمنتجات، ونمت نموا عظيما، وهل حصلت كبريات الشركات التي لها الأسماء المشهورة المعروفة ثقة مرتاديها ومقتني منتجاتها، إلا لما تمثلوا مثل هذا الأصل العظيم، ولذلك فإنما يوجد الغش والضرر فيما يكون من المقاولات والبناء البيوع وأنواع ما يشترى إذا تخلف هذا الأصل العظيم، بارك الله لي ولكم في القرآن والسنة نفعني وإياكم بما فيهما من الآيات والحكمة، أقول قولي هذا و استغفر الله العظيم لي ولكم السائر المسلمين، فاستغفر من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.
من تعلم العلم ليباهي به العلماء


