الرئيسيةمقالاتمن قصص الخيال البوليسي
مقالات

من قصص الخيال البوليسي

من قصص الخيال البوليسي

لغز عائشة

الفصل السابع – حيرة منى

جلست منى غارقة في بحر من التفكير والهموم، والوقت يمضي سريعًا، فلم يتبقَ على رحلتهم إلى تونس سوى ساعات قليلة. ما إن يطلع الفجر حتى تحملهم الطائرة إلى مطار قرطاج الدولي، بداية لزيارة غامضة لم تكن على بالها.

احتضنت مخدتها كأنها صديقة تشكو لها همها، وقالت بصوتٍ يملؤه القلق:

ـ “لا أصدق أن الأمر مجرد تشاور وتبادل آراء وتصوير تلفزيوني… أبا هزاع لا يُصرّ على السفر بهذا الشكل إلا إذا كانت هناك مهمة أكبر وأعمق… أعرفه وأعرف أسلوبه.”

وضعت المخدة أمامها، وكأنها تجلس في مواجهة صديقتها هدى:

ـ “والله أنا آسفة جدًا… لم يكن في الحسبان أن تأتي مهمة عمل كهذه. الأمر ليس نزهة على شاطئ القرم… إنها أوامر، وأنتِ تعرفين أنني لا أملك الرفض.”

ثم ابتسمت بخفة، محاولة التخفيف عن نفسها:

ـ “لو رفضت ربما حوكمت عسكريًا بتهمة التخلّي عن مهمة رسمية!”

عادت لتخاطب صديقتها الغائبة:

ـ “أنتِ أختي وحبيبتي، وعندما تنتهي المهمة سأزورك بنفسي وأهنئك بزفافك السعيد. أهم شيء أن تسامحيني… هل سترضين عني؟”

لكنها أزاحت المخدة بعيدًا، كأنها تسمع رد هدى القاسي، وقالت بوجهٍ يكسوه الحزن:

ـ “لن ترضى… أعرفها، لسانها طويل، وكلامها كالخنجر المغلف بالعسل.”

مدّت يدها تعبث بخصلات شعرها، وهي تبحث عن صيغة اعتذار تخفف من ثورة صديقتها. نزلت إلى الطابق الأرضي تتمتم:

ـ “أنا جائعة… ربما بعد الأكل أجد مخرجًا لهذه الورطة.”

لكن حتى وهي تخطو على الدرج، ظلّت الفكرة تلاحقها: كيف أواجه هدى؟ بأي أسلوب أفتح معها الحوار؟

وحين عادت إلى غرفتها وفتحت الباب، وجدت ثلاث مكالمات فائتة. تسارعت دقات قلبها عندما رأت اسم هدى. أمسكت الهاتف بيد مرتجفة، مرددة:

ـ “يا رب خير… يا رب لطفك.”

بين التردد والقلق، كادت تؤجل الاتصال حتى عودتها من السفر، لتواجه صديقتها مباشرة، لكن صوت الرنين اخترق سكون الحجرة من جديد. نظرت إلى الشاشة، فإذا بالاسم يضيء أمامها: “صديقتي حبيبتي”.

ترددت لحظة، ثم ضغطت زر الاتصال وهي تلهج بالدعاء:

ـ “يا رب اجعلها خيرة…”

منى: مرحبًا هدى.

هدى (بصوت متقطع يكاد يذوب في البكاء): أهلاً وسهلاً منى… أخباركِ حبيبتي؟

منى: بخير والحمد لله… لكن ما بكِ؟ أسمع في صوتك حزنًا يقطع القلب.

لم تستطع هدى السيطرة على دموعها، فانفجرت باكية:

ـ “عمي… والد زوجي… توفي هذا الصباح.”

سقط الكلام على مسامع منى كالصاعقة، فأُخرس لسانها لحظة. قالت بصوت خافت:

ـ “عظّم الله أجركم، ورحم فقيدكم.”

أجابت هدى بمرارة:

ـ “الحمد لله على كل حال… العرس تأجّل.”

أغمضت منى عينيها وأخذت نفسًا عميقًا، وهي تهمس لنفسها: يا لها من ليلة مثقلة بالقدر… ما بين مهمة غامضة وزفاف مؤجل، كيف سيكون الغد؟

✦ ملاحظة ختامية:

العميد حمد هو شقيق النقيب منى.

✦ من شواطئ العاصمة العُمانية مسقط.

✦ بقلم: فايل المطاعني

من قصص الخيال البوليسي

لغز عائشة

الفصل السابع – حيرة منى

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *