المقالات

ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه

ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه 

ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه

بقلم / محمـــد الدكـــروري

ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، ولا عدوان إلا على الظالمين، وأشهد أن لا إله إلا الله، وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيى ويميت، وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وصفيه من خلقه وخليله، اللهم صل وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين حق قدره ومقداره العظيم أما بعد إن من الأمور التي تدل على أن السلف رحمهم الله كانوا مجتهدين في العبادة هو عدم إملال النفس، فليس المقصود من المداومة على العبادات والاجتهاد فيها إيقاع النفس بالسآمة وتعريضها للملل، وإنما المقصود عدم الانقطاع عن العبادة والموازنة بين الأمرين، وذلك بأن يكلف المسلم نفسه من العبادة ما يطيق ويسدد ويقارب فينشط إذا رأى نفسه مقبلة ويقتصد عند الفتور، يقتصد بمعنى يمسك الواجبات ويعمل ما تطيق نفسه من المستحبات. 

 

ولو كان أقل من أيام النشاط؛ لأنها لقط أنفاس ليتابع العمل بعد ذلك، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم “إن الدين يسر ولن يشاد الدين أحد إلا غلبه، فسددوا وقاربوا، واستعينوا بالغدوة والروحة وشيء من الدلجة” فإذن لا بد من مراعاة النفس إذا أقبلت فأعطها المجال للزيادة لأن النفوس لها إقبال وإدبار، لها إرتفاع وإنخفاض كما قال النبي عليه الصلاة والسلام “لكل عمل شرة” وفي رواية ” لكل عامل شرة” أي نهاية عظمى وقمة “ولكل شرة فترة” تقابلها وتعقبها، وهكذا في إزدياد ونقصان فالإيمان يزيد وينقص، وإرتفاع وانخفاض فمن كانت فترته إلى سنتي فقد إهتدى، فمن كان في حال فتوره متبع للسنة موافق، بحيث إنه قائم بالواجبات ممتنع عن المحرمات فهذا مهتد “فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى” 

 

ومن كان في حال فتوره قائم بالواجبات تارك للمحرمات فهذا على خير عظيم، وقال النبي عليه الصلاة والسلام “القصد القصد تبلغوا” فالإقتصاد في العبادة، بمعنى أنه يراعي نفسه، فينشط وقت النشاط ويرتاح في وقت الفتور والتعب لأنه إذا حمل على نفسه حملة واحدة، شق عليها وربما تركت العبادة وإنقطع به الحبل، لكن لو أنه يعمل الواجبات ويترك المحرمات، والمستحبات يأخذ ما استطاع منها، إذا نشط زاد، وإذا فتر إرتاح، هذه الطريقة المثلى في العبادة، وقال البخاري رحمه الله باب ما يكره في التشديد في العبادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم فإذا حبل ممدود بين الساريتين فقال ما هذا الحبل؟ قالوا: هذا حبل لـزينب فإذا فترت تعلقت” تقوم وتصلي في الليل، فإذا أصابها الفتور والتعب تعلقت بالحبل لتبقى واقفة وتظل قائمة. 

 

فقال النبي صلى الله عليه وسلم ” لا أي رفض هذا العمل، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد” فإن حكم وقواعد العبادة مهمة ولا بد من الإنتباه لها وإلا فإن عاقبة كثير من الذين يشدون على أنفسهم في فورة الحماس تكون إلى الإنقطاع، لا حلوه أي فكوه، ليصل أحدكم نشاطه فإذا فتر فليقعد” ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم أن عبد الله بن عمرو بن العاص يقوم الليل كله ويصوم النهار متتابعا سأله فأخبره وأقر أنه هذا ما يفعله، فنهاه عليه الصلاة والسلام وعلل ذلك بقوله ” فإنك إذا فعلت ذلك هجمت عينك، ونفهت نفسك” وهجمت عينك أي غارت أو ضعفت من كثرة السهر، ونفهت نفسك أي كلت وتعبت وسئمت هذا التواصل المستمر، وقال النبي صلى الله عليه وسلم “عليكم من العمل ما تطيقون، فإن الله عز وجل لا يمل حتى تملوا، وإن أحب الأعمال إلى الله عز وجل أدومه وإن قل”

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار