المقالات

” آمال إسماعيل ” أيقونة التعليم في مصر

" آمال إسماعيل " أيقونة التعليم في مصر

” آمال إسماعيل ” أيقونة التعليم في مصر

 

بقلم د – شيرين العدوي

 

لم أعرف فى أى سن من سنى عمرى قبضت على نفسى متلبسة بحب أمى آمال إسماعيل متولى عبده ابنة عمدة النصرة مركز محلة الدمنة فى مدينة المنصورة! كنت أحيا مع شخصيتين كلتاهما عذب ومر.. نعم ستستغرب عزيزى القارئ لأن أبى أيضا شخصية كانت ساحرة فاتنة تجمعت فيها صفات صعب أن تجدها فى رجل، فكان وسيما ومهندما إلى حد نجوم المجتمع، متدينا جدا، لم أذكر أنه يوما ترك فرضه مهما كانت الظروف، قارئا للقرآن آناء الليل وأطراف النهار، يتابع الفنون من باليه وغناء وسينما. يذهب للمسارح كل خميس مصطحبا كل العائلة، يحب السفر والتمتع،يحفظ الشعر ويفتن بالشعراء وكان من عشاق شوقى وحافظ وجاهين والأبنودي، كريما جدا لا يعمل للمال حسابا، حنونا جدا، ضحوكا جدا، منتظما فى قراءة الكتب والصحف. يتابع السياسة بانتظام وأحوال العباد والبلاد فعشقت شخصية أبى وتعلقت به إلى حد البكاء عند ذهابه لعمله، لم أكن أدرك أنى أيضا تعلقت بشكل غير مباشر بنموذج الطفلة التى تزوجها التى كنت أحيا معها كل اليوم حتى يعود أبى من العمل وأشتكى له من المشاغبات التى دارت بيننا حتى نضجت قليلا فعرفت سر عصبية أمى الجميلة جدا إلى حد الفتنة. لقد زوجها جدى وهى فى عمر 14 عاما لم تحقق حلمها باستكمال تعليمها، طفلة أحبت رجلا بمعنى الكلمة فى نفس عمرها تقريبا فأحبته إلى درجة التفاني، ثم فوجئتْ بأنها مسئولة عن ثلاثة أبناء وموضع تنافس مع العائلة بإحسان تربيتهم على أكمل وجه خلقا وعلما، كانت تقسو من الخوف من الفشل حتى لا يلومها أبى أو تعير، وهى الطفلة التى تريد التفوق فى كل شىء. رويدا رويدا بدأت فى تحليل شخصيتها فهى طفلة غيور بنت من 8 بنات- والبنات دائما يتنافسن – مدللة من أبيها العمدة ثم زوجها لتصبح أما، وبدلا من أن تحيا طفولتها أصبحت صاحبة رسالة من أقدس رسائل الأرض ولذلك لم تشعر بها بل نافست أولادها أحيانا، فرحت بهم بالتأكيد، وسعدت بالعزوة لكنها كأنها تستغربهم أحيانا وتلومهم دون أن تشعر على سرقة حلمها ومن هنا كانت قسوتها أو عصبيتها، أو إثبات الذات لتقول للعالم أنا هنا. هذا الصراع الداخلى أصابها بأمراض القلب فى سن صغيرة، الضغط، ثم السرطان مرتين، لكنها تحدت كل هذا وأصرت على استكمال طفولتها والعودة إلى صفوف الدراسة بعد موت أبي، لتحيا طفولتها فى سن 70 ولتحصل على شهادة الماجستير فى سن الثمانين بتقدير امتياز مع طبع الرسالة وتبادلها مع الجامعات الأخرى.

نعم من حق الآباء أن يطمئنوا على استكمال رسالة الله بتزويج البنات، ولكن أساس الرسالة الإنسانية أن يكمل الإنسان أولا حقه فى الطفولة والكمال، ليستطيع مواصلة الحياة بالشكل الذى يليق به.

 

إن زواج الفتيات القاصرات فى عصر سابق يعد جريمة يعاقب عليها القانون الآن، لكنه مازال منتشرا فى بعض المناطق النائية وأنادى المجلس القومى للمرأة بالتصدى لها. لقد تبادلت الدور مع أمى لتظل طفلتى العبقرية التى آمنت بها، وأشفقت عليها، وتمنيت أن أضع النجوم تحت قدميها لتشبع طفولتها وتعرف كم هى عظيمة.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار