أخبار ومقالات دينية

أبو عبد الله قاضي القيروان

جريدة موطني

الدكروري يكتب عن أبو عبد الله قاضي القيروان
بقلم / محمـــد الدكـــروري
ذكرت المصادر التاريخية الإسلامية الكثير عن الفقيه القاضي الأمير أسد بن الفرات فاتح صقلية، وهو أبو عبد الله أسد بن الفرات بن سنان قاضي القيروان، وهو تلميذ الفقيه مالك بن أنس، فأن يكون المسلم متميزا في باب معين من أبواب الخير فهذا شيء عظيم يستحق أن يثني عليه الناس به ويذكروه، ولكن أن يكون المسلم فقيها وعالما ومحدثا ومجاهدا وأميرا للجيوش وقائدا لأساطيل أعالي البحار وقاضيا ومعلما ومدافعا عن السنة وقامعا للبدعة ومرابطا في سبيل الله حتى الموت، فهذا النوع من الرجال الأبطال لا بد أن نؤرخ له وبماء الذهب، خاصة أن أبناء المسلمين الآن لا يعرفون عنه شيئا، ووُلد أسد إبن الفرات سنة مائة واثنين وأربعين من الهجرة الموافق سبعمائة وتسع وخمسين ميلادي.

بحرّان من أعمال ديار بكر بالشام وأصله من نيسابور، ورحل أبوه من حرّان إلى القيروان في جيش محمد بن الأشعث عام مائة وأربع وأربعون من الهجرة، الموافق عام سبعمائة وواحد وستين ميلادي، وأخذه معه وهو طفل فنشأ بها وتفقه فيها، تلقى العلم بإفريقية عن علي بن زياد ثم ارتحل إلى المشرق في طلب العلم سنة مائة واثنين وسبعين من الهجرة، الموافق عام سبعمائة وثماني وثمانين ميلادي، وأخذ عن الإمام مالك، ثم ارتحل الي العراق وأخذ عن أبي يوسف والشيباني مذهب أبي حنيفة، ثم ارتحل إلي مصر، فقابل أئمة الفقة من أصحاب مالك، فأخذ عن ابن القاسم، كما اشتغل بعد رجوعه بالتدريس ونشر العلم، فكان يدرّس المذهبين الكبيرين السائدين في العالم الإسلامي إذ ذاك.

مذهب أهل الحديث في المدينة النبوية، ومذهب أهل الرأي في بغداد، فتتلمذ عليه الكثير أمثال سحنون بن سعيد، وهو أول من أدخل مذهب الإمام مالك إلى الجزائر، واتخذ ابن الفرات القيروان مقرا له بعد عودته، فأقبل عليه الناس من كل مكان، من المغرب والأندلس، فاشتهر أمره وظهر علمه وارتفع قدره، وجاءته الأسئلة من أقصى البلاد ليجيب عنها فكان يجلس إليه أتباع مذهب مالك، وأصحاب المذهب العراقي، فيأخذ في عرض مذهب أبي حنيفة، وشرح أقوال العراقيين، فإذا فرغ منها صاح صائح من جانب المجلس”أوقد المصباح الثاني يا أبا عبد الله” فيأخذ في إيراد مذهب مالك وشرح أقوال أهل المدينة، فكان هذا نهجا جديدا في دراسة الفقه المقارن، وفي سنة مائتان وأربعه من الهجرة.

تولي أسد إبن الفرات قاضيا على القيروان وبقي بهذه الخطة إلى أن عزم زيادة الله بن إبراهيم فتح صقلية فعينه أميرا على الجيش والأسطول ووجهه لفتح جزيرة صقلية سنة مائتان وإثني عشر من الهجرة، فخرج بتسعمائة فارس وعشرة آلاف راجل، ووصل بعد خمسة أيام إلى مرسى مزارا في جنوب غرب صقلية الموافق يوم الثلاثاء الثامن عشر من شهر ربيع الأول سنة مائتان وإثني عشر من الهجرة، وفتحها، وانهزم البيزنطيون ممن كانوا في هذه المدينة وهربوا إلى مدينة أخرى تسمى قصريانة.

اكمل القراءة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار