الرئيسيةمنوعاتأبو عبيدة رحل.. وحماس تصنع مستقبل مقاومتها
منوعات

أبو عبيدة رحل.. وحماس تصنع مستقبل مقاومتها

أبو عبيدة رحل.. وحماس تصنع مستقبل مقاومتها
كتب ضاحى عمار
تعيش حماس اليوم لحظة حاسمة. رحيل أبوعبيدة، المتحدث الرمزي لكتائب عزالدين القسام، يمثل نقطة فاصلة في تاريخ الحركة، لكنه لا ينهي مقاومتها. فصوته الذي ارتبط بالبلاغات العسكرية الحاسمة وركن حرب الأعصاب ضد إسرائيل ترك فراغًا، لكنه يفتح الباب أمام إعادة رسم هوية إعلامية أكثر صلابة وإبداعًا.
الحركة تواجه اليوم تحديًا مزدوجًا: فقدان الصوت الرنان والواجهة الرمزية، وفقدان العقل المدبر الذي قاد أركان العمليات والأنفاق والتسليح. مقتل محمد السنوار يجعل من دائرة القيادة الضيقة أكثر هشاشة، لكنه في الوقت نفسه يضع حماس أمام فرصة لإعادة تنظيم قياداتها من جديد، لتكون أكثر مرونة وأقل اعتمادًا على الأوامر المركزية التي يمكن اختراقها أو تعطيلها.
أبو عبيدة، أو حذيفة الكحلوت، لم يكن مجرد متحدث. كان أيقونة المقاومة، رمزًا لما تعنيه الكوفية والشجاعة في قلب غزة، صانعًا للمعنويات في الشارع الفلسطيني والعربي. رحيله يشعل سؤالاً وجوديًا: من سيحمل الآن راية الكاريزما الإعلامية والقدرة على إيصال الرسائل الحاسمة؟ لكن الخبراء يرون في هذا الفراغ فرصة لتوليد جيل جديد، قادر على مواصلة الحرب الإعلامية بطريقة مبتكرة، مع الحفاظ على نفس الروح النضالية التي صنعت من أبو عبيدة رمزًا خالدًا.
على الأرض، خسارة محمد السنوار لا تقل وقعًا عن خسارة أبوعبيدة، فهو العقل التنفيذي الذي أدار الأنفاق وملفات التسليح، وقد غياب قيادته يفرض على حماس اعتماد أساليب أكثر تشظيًا ومرونة، عبر الخلايا العنقودية والمجموعات المستقلة. الجيش الإسرائيلي نجح في تدمير جزء كبير من الهيكل المركزي، لكن حماس أمام فرصة لإعادة البناء بطريقة مختلفة، أكثر صلابة وتكيفًا مع الضغوط.
اللواء يونس السبكي، الخبير الاستراتيجي، يرى أن قدرة الحركة على الترميم التلقائي ستحدد مستقبلها في قطاع غزة. “التاريخ العسكري لحماس مليء بنماذج لتجديد القيادات بعد فقدان عناصر أساسية. الجيل الميداني الجديد قادر على التعلم بسرعة وإدارة العمليات الميدانية بكفاءة. أما المحللة السياسية مها الشريف، فتشير إلى أن غياب الرموز الكبيرة يشكل تحديًا نفسيًا وإعلاميًا، لكنه أيضًا يولد مساحة لظهور قيادات جديدة تحمل الرسالة بنفس القوة، وربما بأساليب أكثر ابتكارًا.
اليوم، حماس تعيد رسم خريطتها العسكرية والإعلامية. الصوت الذي رحل سيترك أثرًا، لكن الجيل القادم سيصنع أسلوبه الخاص، متجاوزًا الفقدان ومثبتًا أن المقاومة ليست بأفراد، بل بفكر واستراتيجية وعزيمة مستمرة. المستقبل أمامها يتشكل الآن، وسط ضغوط الحصار وتحديات الاحتلال، لكنه مستقبل يقوده المرونة والقدرة على التكيف، ويفتح الطريق أمام مرحلة جديدة من المقاومة والتجديد الداخلي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *