أحب الاعمال الي الله
بقلم : أشرف عمر
قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ:
رواه البخاري ومسلم.
شرح الحديث:
حَثَّ الإسلامُ على مُلازَمَةِ الرِّفْقِ في الأعْمالِ، والاقْتِصارِ على ما يُطيقُ العامِلُ، ويُمكِنُه المُداوَمَةُ عليه.
وفي هذا الحديثِ يقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: “سَدِّدُوا”، أي: اقْصِدُوا الصَّوابَ ولا تُفْرِطُوا؛ فتُجهِدُوا أنفُسَكم في العِبادةِ؛ لئلَّا يُفضيَ بكم ذلك إلى المَلَل، فتترُكوا العملَ فتُفَرِّطُوا، “وقارِبُوا”، أي: إنْ لم تَسْتَطيعوا الأخْذَ بالأكْمَلِ، فاعْمَلوا بما يقرُبُ منه، “واعْلَمُوا أنَّه لنْ يُدْخِلَ أحَدَكُم عَمَلُهُ الجنَّةَ” يعني أنَّ الطاعاتِ التي تقومون بها، ليست عِوضًا وثَمنًا للجنَّةِ، ولا تُساويها، فالجنَّةُ سِلْعةٌ غَاليةٌ لا يُكافِئُها عَمَلٌ، وإنما تَدْخُلونها برَحْمةِ اللهِ، ولا تعارُضَ بين هذا الحديثِ وبين قولِهِ تعالى: {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: 32]؛ وكما قال ابن تيمية: فإن المنفي نفي بباء المقابلة والمعاوضة، كما يقال : بعت هذا بهذا، وما أثبت أثبت بباء السبب، فالعمل لا يقابل الجزاء وإن كان سببا للجزاء؛ ولهذا من ظن أنه قام بما يجب عليه وأنه لا يحتاج إلى مغفرة الرب تعالى وعفوه، فهو ضال، كما ثبت في الصحيح عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال : ” لن يدخل أحد الجنة بعمله ” ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ” ولا أنا، إلا أن يتغمدني الله برحمة منه وفضل ” وروي ” بمغفرته.
ثم قال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: “وأَنَّ أحَبَّ الأعْمالِ إلى اللهِ أَدْوَمُها”، أي: ما استمرَّ في حياةِ العامِلِ، “وإنْ قَلَّ”؛ أي: وإنْ كان عَملًا قَليلًا؛ لأنَّه يَستمِرُّ، بخِلافِ الكثيرِ الشَّاقِّ، وفي صَحيحِ مُسلمٍ عن عَلقمةَ، قال: “سألتُ أمُّ المؤمنين عائشةَ، قال: قلتُ: يا أُمَّ المؤمنين، كيف كان عمَلُ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ؟ هل كان يَخصُّ شيئًا مِن الأيَّامِ؟ قالتْ: لا، كان عَمَلُه دِيمةً، وأيُّكم يستطيعُ ما كان رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يستطيعُ؟!” وكانتْ عائشةُ رضِيَ اللهُ عنها إذا عَمِلَتِ العَملَ لَزِمَتْه.
صبحكم الله بكل خير وصحة وسعادة وبركة في العمر والرزق وطاعة وحسن عبادة.
أحب الاعمال الي الله