أمانة تولية المسؤولية
أمانة تولية المسؤولية
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الأربعاء الموافق 18 ديسمبر 2024
أمانة تولية المسؤولية
الحمد لله العليم الخبير، السميع البصير، أحاط بكل شيء علما، وأحصى كل شيء عددا، لا إله إلا هو إليه المصير، أحمد ربي وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له العلي الكبير، وأشهد أن نبينا محمدا عبد الله ورسوله البشير النذير والسراج المنير، اللهم صلي وسلم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وأصحابه ذوي الفضل الكبير، ثم أما بعد إن مما يتعلق بأمانة المسؤول، هو أمانة تولية المسؤولية لمن هو أهل لها من أهل الخير والصلاح والاستقامة ومن الناس المشهود لهم بحسن السيرة والإخلاص في العمل حتى تتهيأ فرص الإنتاج المثلى التي يستفيد منها الفرد والمجتمع وليحذر المسؤول أن يولي زمام الأمور لمن ليس بأهل لها إما محاباة لأحد.
أو لأجل حصول منفعة دنيوية ما تلبث أن تزول ثم يقاسي أتعابها وآلامها، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام ” ما من أمير يلي أمور المسلمين ثم لم يجهد لهم وينصح لهم إلا لم يدخل معهم الجنة ” وقال صلى الله عليه وسلم ” من غشنا فليس منا ” رواهما مسلم، فتلك الأعمال من خيانة المسلمين وهي من صفات اليهود والنصارى الحاقدين وليست والله من الإسلام في شيء فالإسلام دين النزاهة والأمانة، فقال تعالى ” يا أيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون ” فأمانة المسؤول أمانة عظيمة، لاختيار الأصلح لكل عمل، دون مراعاة لأحد ولا محاباة لفرد من الأفراد ودون تقدير لشعور قريب أو صديق، فلن يجادل عن المفرط أحد يوم القيامة، بل سيقاسي ألوان العذاب بسبب تفريطه في الأمانة وتضييعه لها.
وسيكون جلساؤه خصماؤه وشهداء عليه، وفي الحديث قال صلى الله عليه وسلم ” أيما رجل استعمل رجلا، يعني أمره وولاه على عشرة أنفس علم أن في العشرة أفضل ممن إستعمل، فقد غش الله ورسوله وغش جماعة المسلمين ” والمتأمل في هذا الزمن والناظر في واقع المسلمين اليوم، يجد أن كثيرا من الأعمال يتولاها أناس لا يصلون كفرة فجرة، لا يخافون الله ولا يهابونه، فكيف تسير سفينة الحياة مع تلك الفئة من الناس، وروى الحاكم من حديث أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمّر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله، لا يقبل الله منه صرفا ولا عدلا، حتى يدخله جهنم ” فتفكروا رحمكم الله في حال المسلمين اليوم، والواقع الأليم الذي تعيشه الأمة في هذا الزمن من توسيد الأمر لغير أهله.
من العصاة والفسقة والمجرمين والظالمين والمنافقين العلمانيين والشيعة الرافضة، بل وحتى من الكفرة الفجرة الذين يستغلون مناصبهم لإستغلال المسلمين والذين لا يأبهون بأكل الرشوة بالباطل وتأخير معاملات المسلمين والذين لا يتورعون عن الظلم والعدوان ومع ذلك تجدهم قد تسنموا قمم المراتب وأعالي المناصب وأهل الخير والصلاح وأهل القرآن والسنة وأهل الله وخاصته لا يقام لهم وزن ولا يُقدر لهم قدر ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم، فلقد إنقلبت الأمور وإنتكست المفاهيم وتغيرت الأوضاع ونكست الطباع فأين العزة والفلاح وأين الرفعة والصلاح، التي ينشدها المسلمون في كل مكان مع هذا التفريط في الأمانة.