أمطار غزيرة ورياح عاتية في غزة… وتحذيرات من فيضانات وأزمات جديدة
عبده الشربيني حمام
أطلق الدفاع المدني الفلسطيني في قطاع غزة تحذيرًا عاجلًا من منخفض جوي قطبي عميق سيضرب القطاع، حاملًا أمطارًا غزيرة ورياحًا عاتية، ما يشكّل خطرًا حقيقيًا على مئات آلاف النازحين الذين يعيشون منذ سنتين في ظروف قاسية داخل خيام بالية في مناطق النزوح العشوائي.
وشهدت غزة خلال الساعات الماضية أمطارًا غزيرة ورياحًا قوية وانخفاضًا حادًا في درجات الحرارة، ما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعيشها السكان منذ انتهاء الحرب. وتحوّلت المخاوف من البرد إلى قلق أوسع من فيضانات وانهيارات محتملة في ظل انهيار البنية التحتية وتوقّف الإعمار.
البنية التحتية لا تقاوم العاصفة
تشير البيانات الأولية إلى أن كميات الأمطار المتساقطة خلال ساعات قليلة قد تفوق قدرة شبكات الصرف المدمّرة على التصريف، ما ينذر بسيول واسعة في المناطق المنخفضة.
ويعاني كثير من الأحياء التي تضررت بشكل كبير خلال الحرب الإسرائيلية من ضعف عام في البنية التحتية، ما يجعلها غير قادرة على تحمّل ضغط الأمطار والرياح.
ويقول السكان إن غياب الكهرباء والوقود يزيد من معاناتهم، إذ لا تتوفر وسائل التدفئة في معظم المنازل والخيام، ما يرفع مخاطر الإصابات بأمراض البرد، خصوصًا لدى الأطفال وكبار السن.
خيام غير مجهزة وانعدام وسائل الحماية
وعلى امتداد الشريط الساحلي والمناطق الزراعية، تتعرض الخيام لرياح قوية تتسبب في تمزق أغطيتها ودخول المياه إليها. وتفيد تقارير إنسانية بأن آلاف العائلات قد تضطر للنزوح مجددًا داخل القطاع إذا استمرت الظروف الجوية بالتدهور خلال الساعات المقبلة.
وتشير منظمات دولية إلى أن الكثير من النازحين يفتقرون إلى الملابس الشتوية والأغطية، وأن العاصفة الحالية قد تزيد من حالات الالتهاب الرئوي والأمراض التنفسية بسبب البرد والرطوبة وازدحام الملاجئ المؤقتة.
غضب شعبي وانتقادات للحكم في غزة
ومع دخول المنخفض الجوي، تصاعدت حدة الانتقادات الموجهة للسلطات المحلية التابعة لحماس بصفتها المتحكم الفعلي في شؤون القطاع، إذ يتهمها عدد من الغزيين بعدم الاستعداد لموسم الشتاء رغم التوقعات المتكررة بقدوم عواصف قوية.
ويقول المحلل السياسي الفلسطيني حسن سوالمة إن هناك شعورًا عامًا بتجاهل احتياجات الغزيين، سواء على الصعيد الدولي أو من طرف قيادة حماس نفسها، حيث يرى الكثير من الفلسطينيين أن الموارد التي وُجهت إلى التجهيزات العسكرية وبناء الأنفاق كان يمكن أن تُوظّف في ترميم البنية التحتية وإعادة تشغيل شبكات الصرف، أو في إنشاء ملاجئ طارئة قادرة على استيعاب السكان في مثل هذه الظروف.
ويشير مراقبون إلى أن غياب خطة شتوية واضحة يعكس خللًا أوسع في إدارة الملفات المدنية بعد انتهاء الحرب، ويطرح تساؤلات حول أولويات الحكم في القطاع، خاصة مع تزايد الأزمات الناتجة عن الظروف المناخية القاسية.
الأزمة الإنسانية تتعمّق
وتؤكد تقارير أممية أن استمرار تدهور الأوضاع المعيشية، وغياب الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، وتكدّس العائلات في أماكن ضيقة، يشكّل بيئة مثالية لانتشار الأمراض وتفاقم المعاناة الإنسانية. وتقدّر المنظمات الدولية أن أي تأخير في إطلاق عمليات الإعمار سيجعل القطاع عرضة لكوارث متكررة مع كل منخفض جوي جديد.
وفي ظل هذه التطورات، يترقب السكان الساعات القادمة بقلق، في وقت تبدو فيه قدرة المؤسسات المحلية على مواجهة العاصفة محدودة، بينما تتكشف هشاشة القطاع أمام أول اختبار مناخي كبير بعد الحرب.
وأسفرت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة عن استشهاد 70 ألفًا و366 شخصًا، وإصابة 171 ألفًا آخرين.

