أين الله
بقلم / محمـــد الدكـــروري
اليوم : الثلاثاء الموافق 14 مايو 2024
الحمد لله رب العالمين الملك الحق المبين أحمده الحمد كله وأشكره الشكر كله، وأصلي وأسلم علي من لا نبي بعده رسولنا وحبيبنا محمد صلي الله عليه وسلم ثم أما بعد ما أجمل الإنسان أن يكون أمينا وأن تكون الأمانة خلقا دائما له في معاملته مع ربه عز وجل ومع أهله ومع الناس جميعا، وأن يكون قدوته رسول الله محمد صلى الله صلى الله عليه وسلم مهتديا بكريم أخلاقه تعبدا لله وتحسينا لأخلاقه، فلقد دخلت كثير من بلاد العالم الكثيرة الإسلام من باب الصدق وأمانة المهنة وجودة العمل فكان التاجر المسلم يذهب ببضاعته إلى دول جنوب شرق آسيا فيرى الناس أمانته وصدقه فيسألون عنه وعن بلاده ودينه فيخبرهم بأنه مسلم وأن الإسلام أمره بتلك الأخلاق فيدخلون في دين الله أفواجا وكان المسلم يرعى الحقوق التي بين يديه في أي وظيفة أو مهنة أو منصب.
ويجعل ذلك عبادة لله وتقربا إليه، فقال نافع خرجت مع ابن عمر رضي الله عنهما في بعض نواحي المدينة ومعه أصحاب له فوضعوا سفرة فمر بهم راع فقال له عبد الله رضي الله عنه هلم يا راعي فأصب من هذه السفرة، فقال إني صائم، فقال له عبد الله رضي الله عنه في مثل هذا اليوم الشديد حره وأنت في هذه الشعاب في آثار هذه الغنم وبين الجبال ترعى هذه الغنم وأنت صائم، فقال الراعي أبادر أيامي الخالية فعجب ابن عمر رضي الله عنهما وقال هل لك أن تبيعنا شاة من غنمك نجتزرها ونطعمك من لحمها ما تقطر عليه وتعطيك ثمنها، قال إنها ليست لي إنها لمولاي، قال فما عسيت أن يقول لك مولاك إن قلت أكلها الذئب؟ فمضى الراعي وهو رافع إصبعه إلى السماء وهو يقول فأين الله ؟ قال فلم يزل ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال الراعي فأين الله.
فما عدا أن قدم المدينة فبعث إلى سيده فاشترى منه الراعي والغنم فأعتق الراعي ووهب له الغنم، وإن من الأمانات الهامة في حياة الأفراد والمجتمعات والدول الأمانة في جانب المهنة والعمل والوظيفة فكم نسمع وكم نتحدث عن ذلك الموظف الذي لا ينجز معاملات الآخرين بل ويأخذ على ذلك الرشاوى والهدايا أو عن ذلك المعلم الذي فرط في رسالته فلا يؤديها كما ينبغي أو عن ذلك المدير الذي يتأخر عن دوامه فتتعطل كثير من مصالح المسلمين أو عن ذلك الشرطي أو رجل المرور الذي يقصر في عمله وكم نتحدث عن ذلك المهندس الذي يغش في عمله أو ذلك المصنع الذي لا يلتزم بمعايير الجودة في منتجاته وكم نسمع أنين المرضى وآهات ذويهم وهم يحدثوننا عن المستشفيات ومظاهر الإهمال فيها وجشع بعض الأطباء وتشخيصهم الخاطئ للمرض.
وكم نسمع ونتعامل مع صاحب الورشة وهو لا يتقن عمله فيقوم بتغيير القطع والتدليس والغش وربما أعيد له الجهاز أو الآلة المراد إصلاحها أكثر من مرة، وكم نتداول المنتجات ونقارن بين منتجاتنا وغيرنا من أمم الأرض فنجد الفرق الكبير والبون الشاسع ولو كان هناك قليل من الشعور بالمسئولية والأمانة مع الخبرة لأضحت دول العالم أسواق لمنتجاتنا ولعلنا لا ننسى ذلك المسئول وصاحب المنصب الذي يأتي متأخرا إلى دوامه الوظيفي ولا يكتفي بذلك بل يحتجب عن الناس في مكتبه وهم يقفون في طوابير قد جاؤا من مناطق بعيدة فمن ينجز معاملاتهم ؟ وقد روى أبو مريم الأزدي قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ” من ولي من أمور المسلمين شيئا فاحتجب دون خلتهم وحاجتهم وفقرهم وفاقتهم، احتجب الله عنه يوم القيامة دون خلته وحاجته وفاقته وفقره “.